فتحها المسلمون عنوة ، وأمّا عمّال الصدقات فهم الذين يجلبون الأموال التي فرضت على الأعيان التي تجب فيها الزكاة كالغلاّت الأربعة ، والأنعام الثلاثة ، والنقدين ، ويشترط في هؤلاء العمّال أن يكونوا امناء فيما يجبونه من الناس وفيما ينفقونه على المرافق العامّة ، وقد وضع الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام لهم منهجا خاصّا حافلا بالآداب ، ورعاية الصالح العامّ ، والرفق الكامل بالمواطنين ، ونسوق نصّ كلامه من دون أن نتعرّض لتحليله لأنّه وافي القصد ، واضح المعالم ، سهل البيان ،قال عليهالسلام لبعض عمّاله : انطلق على تقوى الله وحده لا شريك له ، ولا تروّعنّ مسلما ، ولا تجتازنّ عليه كارها ، ولا تأخذنّ منه أكثر من حقّ الله في ماله ، فإذا قدمت على الحيّ فانزل بمائهم من غير أن تخالط أبياتهم ، ثمّ امض إليهم بالسّكينة والوقار ؛ حتّى تقوم بينهم فتسلّم عليهم ، ولا تخدج (١) بالتّحيّة لهم ، ثمّ تقول : عباد الله ، أرسلني إليكم وليّ الله وخليفته ، لآخذ منكم حقّ الله في أموالكم ، فهل لله في أموالكم من حقّ فتؤدّوه إلى وليّه؟
فإن قال قائل : لا ، فلا تراجعه ، وإن أنعم لك منعم (٢) فانطلق معه من غير أن تخيفه ، أو توعده ، أو تعسفه ، أو ترهقه.
فخذ ما أعطاك من ذهب أو فضّة ، فإن كان له ماشية أو إبل فلا تدخلها إلاّ بإذنه ، فإنّ أكثرها له ، فإذا أتيتها فلا تدخل عليها دخول متسلّط عليه ولا عنيف به.
ولا تنفّرنّ بهيمة ولا تفزعنّها ، ولا تسوأنّ صاحبها فيها ، واصدع المال
__________________
(١) لا تخدج : أي لا تبخل.
(٢) يقصد بـ « المنعم » دافع الزكاة ، وهذا من روائع الأدب العلوي.