الأدلة الأربعة المفروض حجيتها في المرتبة السابقة على علم الأصول.
وبناء على هذا يصح أن يقال : بأن موضوع علم الأصول هو هذه الأدلة الأربعة ، ومحمولات المسائل في علم الأصول هو إثبات هذه الأدلة الأربعة للقواعد المشتركة.
وقد بيّنا فيما سبق أنّ المحمول لا يلزم أن تكون نسبته إلى الموضوع نسبة الحالّ إلى المحل ، بل نسبة المعلول إلى العلّة ، وفي المقام الأدلة الأربعة موضوع لعلم الأصول من حيث أنه يتوصل بها لإثبات قاعدة مشتركة ، سنخ ما يقال في علم المنطق إنّ موضوع علم المنطق هو المعلوم التصوري والمعلوم التصديقي من حيث يتوصل به إلى مجهول تصوري أو مجهول تصديقي ؛ وهنا يقال : إن موضوع علم الأصول هو الأدلة الأربعة من حيث إثباتها للقواعد المشتركة ، أو إثبات واحدة من القواعد المشتركة.
وبناء على هذا فلا يأتي واحد من الإشكالات السابقة وذلك لأنها كانت مبنية على النظر إلى تدوين المسألة ، لأنّ المسألة هكذا تقول ـ الشهرة حجة ، الشك في التكليف مجرى البراءة. إذن فموضوع المسألة هو الشهرة ، هو الشك في التكليف ـ بينما ليس هذا هو ميزان المطلب ؛ بل موضوع المسألة روحا ودقة دائما هو الأدلة الأربعة ، إما بلا واسطة ، أو مع الواسطة ، ـ فعند ما نبحث في أن الشهرة حجة أو لا ـ يعني هل أن أحد الأدلة الأربعة يثبت حجية الشهرة أو لا يثبتها لأن ما يثبت به القاعدة المشتركة منحصر في الأدلة الأربعة.
إذن فالبحث دائما يقع عن خصوصيات الأدلة الأربعة وشئونها ، لكن شئونها لا بما هي كتاب معجز ، ولا بما هي سنّة بليغة نبوية ، ولا بما هو عقل مجرد عن المادة. فإن هذا بحث يرجع فيه إلى علوم أخرى ؛ بل شئونها بما هي مستدعية لإثبات قواعد مشتركة في الفقه ، فكما أن المنطقي يبحث عن المعلومات التصورية والتصديقية من حيث شأن واحد من شئونها ، وهو شأن إيصالها إلى مجهول تصوري ، أو مجهول تصديقي ـ لا من حيث هويتها وتجردها عن النفس ، وعن المادة ، ونحو ذلك ، بل من حيث الإيصال إلى مجهول تصوري ، أو مجهول تصديقي ـ كذلك العالم الأصولي فإنه يبحث عن