الأدلة الأربعة من حيث إيصالها إلى مجهول تصديقي من القواعد المشتركة في الفقه.
إذن فكون الأدلة الأربعة ليست منطبقة على موضوعات المسائل حسب تدوينها الخارجي ، هذا لا يؤدي إلى الإشكال في المقام ، وإلّا لأثبت إشكالا في غير هذا المقام أيضا ، وحتى في الفلسفة العالية.
وإنما روح المطلب وحقيقته ، كما نقول : من أن الأصولي عند ما يدخل في علم الأصول ليس معه رأس مال إلّا الأدلة الأربعة ـ الكتاب ، والسنّة ، والعقل ، والإجماع ـ وإن كنّا لا نقبل بأن يكون حجية الإجماع قبل علم الأصول بل إنّ حجيته بعد علم الأصول.
إذن فالعالم الأصولي يبحث عن إثبات هذه الأدلة الأربعة وكيفية التوصل بها إلى القواعد المشتركة في الاستنباط ، وهذا هو معنى أن الأدلة الأربعة هي موضوع علم الأصول ، وهذا الإشكال كالإشكالات السابقة نشأ من الجمود على الألفاظ والعناوين ، دون الالتفات إلى روح المطلب.
ومن المحتمل قويا أن أولئك الذين قيّدوا وقالوا : بأن موضوع علم الأصول هو الأدلة الأربعة بما هي أدلة ، إنما كان مقصودهم هذا البيان ، يعني الأدلّة الأربعة من حيث أنّه يتوصل بها إلى مجهول تصديقي شرعي ، يعني إلى قاعدة مشتركة في القياس الفقهي. وهذا أيضا تنبيه على نكتة صحيحة في نفسها.
هذا هو تمام الكلام في بيان موضوع علم الأصول ، وهكذا تم الكلام في الجهة الأولى ، كما أنه تمّ الكلام في الجهة الثانية ، وبقي عندنا الجهة الثالثة وهي تقسيم مباحث علم الأصول ، كل هذه الجهات الثلاثة يبحث عنها في الأمر الأول ، كما نوّهنا إلى ذلك في بداية الكلام حول علم الأصول.