كبرى في القياس لصغرى يأخذها الفقيه من علم الحديث والرجال.
وكل مقدمة لا تحتل مركز الكبرى فهي ليست من مسائل علم الأصول من قبيل مسألة وثاقة الراوي التي لا تكون إلّا صغرى في القياس.
وهكذا حاول المحقق النائيني أن يدخل تعديلا لإصلاح التعريف المشهور ، إلّا أن هذا التعديل لا ينفع في المقام ، لأنه وإن أصلح التعريف هذا من جهة إخراج بعض المقدمات الغير أصولية ، لأنها لا تقع كبرى في قياس الاستنباط ، كمسألة وثاقة هذا الراوي أو ذاك ، إلّا أنه أخرج كثيرا من المسائل الأصولية ، والتي تتدخل في عملية الاستنباط. فقد أخرج :
أولا : المسائل المرتبطة بتشخيص ظواهر بعض الألفاظ أو الصيغ : كصيغة الأمر ، أو النهي ، أو الجملة الشرطية ، أو أدوات العموم أو الإطلاق ، ونحو ذلك ، فهي مسائل من صميم علم الأصول ، مع أنها لا تقع كبرى في قياس الاستنباط ، بل غايتها أنها تثبت صغرى الظهور التي تحتاج إلى ضم كبرى حجية الظهور إليها ، كي يتوصل إلى النتيجة الفقهية ، والحجة على الحكم الشرعي.
ثانيا : مسألة اجتماع الأمر والنهي : فإنها ممّا يبحث عنها في علم الأصول ، على الرغم من أنها لا تشكل إلّا صغرى القياس الاستنباطي ، سواء قلنا بامتناع الاجتماع أو بجوازه ، فإنّ نتيجة القول بالامتناع ، وعدم إمكان عروض الأمر والنهي على مورد واحد ، هي أن خطابي الأمر بالصلاة مثلا ، والنهي عن الغصب ، متعارضان لا يجتمعان في مورد واحد هو مورد الاجتماع ، وهذا لا يكون إلّا صغرى تحتاج إلى تطبيق كبرى التعارض بين الدليلين عليها ، لإنتاج الحكم الشرعي. كما أن نتيجة القول بالإمكان وجواز الاجتماع هو عدم التعارض بين الخطابين ، وبالتالي تمامية الإطلاق فيهما ، وهذا يكون صغرى محتاجة إلى تطبيق كبرى حجية الإطلاق في التوصل إلى الحكم الشرعي.
ثالثا : مسألة أن الأمر بالشيء يقتضي النهي عن ضده : فإنها من مباحث علم الأصول مع أنها لا تقع كبرى في قياس الاستنباط.
وثمرة هذه المسألة أن الضدّ فيما إذا كان عبادة مزاحمة بواجب آخر