كالصلاة في وقت الإزالة ، هل يقع صحيحا مع فعلية الأمر بالإزالة ـ الضد الآخر ـ أو يقع من دون أمر ، ويكون فاسدا باعتبار أن الأمر بالضد يقتضي النهي الغيري عن الضد الآخر ، وهو يقتضي ارتفاع الأمر بالعبادة وفسادها؟.
فمن يقول بالاقتضاء : يحقق بهذه المسألة صغرى لتوجه النهي الغيري إلى العبادة المحتاجة إلى تطبيق كبرى فوقها ، كي يتوصل إلى الحكم الشرعي ، وهذه الكبرى هي أن النهي عن العبادة مفسد لها.
ومن ينكر الاقتضاء : يحقق صغرى ، هي بقاء الأمر الشامل للضد بإطلاقه والتي لا بد وأن ينضم إليها كبرى يتوصل بها إلى الحجة على الحكم الشرعي ، وهذه الكبرى هي حجية الإطلاق في المقام ، فإنه وإن قلنا بأن الأمر بالشيء يقتضي النهي عن ضده ، لكن هذا لا يوصل إلى حكم شرعي إلّا بتوسط مسألة أصولية أخرى ، وهي مسألة أنّ النهي عن العبادة يقتضي فسادها ، فمسألة الأمر بالشيء تحقق صغرى لمسألة أنّ النهي عن العبادة يقتضي فسادها.
وهكذا يتضح أن التعديل الذي أورده المحقق النائيني على التعريف ، لا يجدي في تصحيحه ، ودفع المؤاخذة عليه.
وربما يحاول في بعض الكلمات أن يوجّه صحة التعريف من دون إدخال قيد الكبروية ، وذلك عن طريق الاستعانة بكلمة (ممهدة). فالمسائل الأصولية هي تلك المقدمات التي قد مهدت لغرض الاستنباط خاصة. فيخرج بذلك ما لم يكن قد مهّد لذلك ، وإنما مهد لأغراض أخرى كعلم العربية ونحوها.
ولكن هذا الاستدراك لو استطاع أن يفي بإصلاح التعريف ، وإخراج كل تلك المقدمات حتى ما كان من قبيل قواعد الحديث والرجال التي قد يقال إنّ الغرض من تمهيدها هو الاستنباط أيضا ، فهو غير مجد أيضا ، وذلك لأنه لا يتضمن إعطاء مائز موضوعي ، وقاسم مشترك ـ جامع ـ حقيقي لمسائل علم الأصول ، بحيث يكون ثابتا لها في نفس الأمر والواقع ، وإنما كانت من الأصول لأنها قد جمعت من قبل علماء الأصول.