مشتركة من دون أن يهمهم في المطلب أن تكون هذه القواعد بمفردها كافية للاستنباط أو لا ، أو أن يكون لها عين ناظرة إلى نفس الحكم أو لا.
هذه خصوصيات ليس لها دخل في نكتة تأسيس هذا العلم ، وإنما نكتة تأسيس هذا العلم هو أنهم حصلوا على قواعد من هذا القبيل لا يناسب إدراجها في أي مسألة من مسائل علم الفقه ، ولهذا جعلوها مستقلة في المقام.
هذا من ناحية أحد الشرطين ، وهو شرط أن تكون المقدمة مشتركة ، لا مقدمة مادية ، أي مأخوذة (لا بشرط) من حيث المادة.
وكذلك أيضا من الواضح المناسبة للشرط الثاني ، وهو أن تكون المقدمة مقدمة في القياس الأخير ، يعني أن تكون من المبادئ التصديقية المباشرة لا أنها من مبادئ المبادئ ، ومن مبادئ مبادئ المبادئ ، إذ من الواضح أنه كلما ازداد الفاصل عن العلم ، وتتبعنا الأصول الأولية للمبادئ ، وصلنا إلى دوائر أوسع من هذا العلم ، يعني وصلنا إلى مقدمات مؤثرة في مجموعة من العلوم ، لا في هذا العلم بالخصوص. وتلك المقدمات التي تكون مؤثرة في مجموعة من العلوم لا في هذا العلم بالخصوص ، حينئذ يحسن أن تكتب في أصول مجموع تلك العلوم ، لا في أصول الفقه بالخصوص. ففي كل صنعة ، وفي أصول هذه الصنعة ، ننقح المبادئ التصديقية لتلك الصنعة ، لا المبادئ ومبادئ المبادئ وهكذا ، وإلّا لكان أصول كل علم عبارة عن تمام الأصول الدخيلة في المبادئ التصديقية للعلوم الأخرى أيضا.
إذن فهذا الضابط بحسب الحقيقة ليس مجرد ضابط انتزاعي من كلماتهم ، بل هو ضابط أيضا ثبوتي في نفسه ، يعني لو كنّا نريد أن نؤسس من الآن علم الأصول فيجب أن نؤسسه ضمن هذا الضابط ، ونقول بأننا نبحث عن القواعد التي تتميز بهاتين النكتتين ، أولا : إنها مقدمات في القياس الأخير ، وثانيا : إنها مقدمات مشتركة لا مقدمات مادية.
ونحن أشرنا منذ قليل إلى أن بعض القواعد الأصولية (لا بشرط) من حيث المادة ، ولكنها (بشرط شيء) من حيث نوع الحكم من قبيل صيغة (افعل) ، فإنها (بشرط شيء) من حيث نوع الحكم ، و (لا بشرط) من حيث المادة فيثبت بها