زعم أن بين معناهما فرقا زاعما أن الخرج ما تبرعت به ، وأن الخراج ما لزمك أداؤه» (١).
ثم ختم ـ سبحانه ـ هذه الآيات الكريمة ، ببيان أن الرسول صلىاللهعليهوسلم لا يدعو إلا إلى الحق ، وأن المعرضين عن دعوته عن طريق الحق خارجون ، فقال ـ تعالى ـ (وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ ..) ..
أى : وإنك ـ أيها الرسول الكريم ـ لتدعو هؤلاء المشركين إلى طريق واضح قويم ، تشهد العقول باستقامته وسلامته من أى عوج.
(وَإِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ) ككفار قريش ومن لف لفهم (عَنِ الصِّراطِ) المستقيم (لَناكِبُونَ) أى : لمائلون وخارجون.
يقال : نكب فلان عن الطريق ينكب نكوبا ـ من باب دخل ـ ، إذا عدل عنه. ومال إلى غيره.
وبذلك نرى أن هذه الآيات الكريمة. قد شهدت للرسول صلىاللهعليهوسلم بالبراءة من كل تهمة تفوه بها المشركون ، وقطعت معاذيرهم ، وردت عليهم بما يخرس ألسنتهم ، حيث حكت شبهاتهم بأمانة ثم كرت عليها بالإبطال ، وأثبتت أن الرسول صلىاللهعليهوسلم إنما جاءهم ليدعوهم إلى الصراط المستقيم.
ثم بين ـ سبحانه ـ بعد ذلك ، أن هؤلاء المشركين ، قد قست قلوبهم ، وفسدت نفوسهم ، وماتت ضمائرهم ، وصاروا لا يؤثر فيهم الابتلاء بالخير أو الشر ، فقال ـ تعالى ـ :
(وَلَوْ رَحِمْناهُمْ وَكَشَفْنا ما بِهِمْ مِنْ ضُرٍّ لَلَجُّوا فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ (٧٥) وَلَقَدْ أَخَذْناهُمْ بِالْعَذابِ فَمَا اسْتَكانُوا لِرَبِّهِمْ وَما يَتَضَرَّعُونَ (٧٦) حَتَّى إِذا فَتَحْنا عَلَيْهِمْ باباً ذا عَذابٍ شَدِيدٍ إِذا هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ)(٧٧)
أى : ولو رحمنا هؤلاء المشركين الذين تنكبوا الصراط المستقيم وكشفنا ما بهم من ضر.
أى : من سوء حال بسبب ما نزل بهم من قحط وجدب وفقر
__________________
(١) تفسير أضواء البيان ج ٥ ص ٨٠٦.