وقوله ـ سبحانه ـ : (وَهُمْ فِي الْغُرُفاتِ آمِنُونَ) (١).
والمراد بها هنا : أعلى منازل الجنة أو الجنة نفسها أو جنسها الصادق بغرف كثيرة.
أى : أولئك المتقون المتصفون. بالصفات السابقة ، يجازيهم الله ـ تعالى ـ بأعلى المنازل والدرجات في الجنة ، بسبب صبرهم على طاعته ، وبعدهم عن معصيته ويلقون في تلك المنازل الرفيعة (تَحِيَّةً وَسَلاماً) عن ربهم ـ عزوجل ـ ومن ملائكته الكرام ، ومن بعضهم لبعض.
(خالِدِينَ فِيها) أى : في تلك المنازل الرفيعة ، والجنات العالية ، خلودا أبديا.
(حَسُنَتْ) تلك الغرفة والمنزلة (مُسْتَقَرًّا) يستقرون فيه (وَمُقاماً) يقيمون فيه وذلك في مقابل ما أعد للكافرين من نار ساءت مستقرا ومقاما.
ثم ختم ـ سبحانه ـ السورة الكريمة بقوله :
(قُلْ ما يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّي لَوْ لا دُعاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزاماً)(٧٧)
قال القرطبي : يقال : ما عبأت بفلان ، أى : ما باليت به. أى : ما كان له عندي وزن ولا قدر. وأصل يعبأ : من العبء وهو الثقل .. فالعبء : الحمل الثقيل ، والجمع أعباء. و «ما» استفهامية ، وليس يبعد أن تكون نافية ، لأنك إذا حكمت بأنها استفهام فهو نفى خرج مخرج الاستفهام ، وحقيقة القول عندي أن موضع «ما» نصب والتقدير أى عبء يعبأ بكم ربي؟ أى : أى مبالاة يبالى بكم ربي لو لا دعاؤكم .. (٢).
هذا ، وللعلماء في تفسير هذه الآية أقوال منها : أن قوله ـ تعالى ـ : (قُلْ ما يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّي لَوْ لا دُعاؤُكُمْ) خطاب للمؤمنين أو للناس جميعا ، وأن المصدر وهو. دعاؤكم مضاف لفاعله ، وأن بقية الآية وهي قوله : (فَقَدْ كَذَّبْتُمْ.). خطاب للكافرين ، والمعنى على هذا القول :
__________________
(١) سورة سبأ آية ٣٧.
(٢) تفسير القرطبي ج ١٣ ص ٨٤.