لعبادتك. وبسلامتها من كل شرك أو نفاق ، وبصيانتها من الشهوات المرذولة. والأفعال القبيحة.
وهكذا نرى في قصة إبراهيم : الشجاعة في النطق بكلمة الحق ، حيث جابه قومه وأباه ببطلان عبادتهم للأصنام.
ونرى الحجة الدامغة التي جعلت قومه لا يجدون عذرا يعتذرون به عن عبادة الأصنام سوى قولهم : (وَجَدْنا آباءَنا كَذلِكَ يَفْعَلُونَ).
ونرى الثناء الحسن الجميل منه على ربه ـ عزوجل ـ : (الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ. وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ. وَإِذا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ).
ونرى الدعاء الخاشع الخالص الذي يتضرع به إلى خالقه ـ عزوجل ـ ، لكي يرزقه العلم والعمل ، وبأن يحشره مع الصالحين ، وأن يجعل له أثرا طيبا بعد وفاته بين الأمم الأخرى ، وبأن يجعله من الوارثين لجنة النعيم ، وبأن يستره بستره الجميل يوم القيامة ، يوم لا ينفع الناس شيء سوى إخلاص قلوبهم وعملهم الصالح ، وهي دعوات يرى المتأمل فيها شدة خوف إبراهيم ـ وهو الحليم الأواه المنيب ـ من أهوال يوم الحساب.
نسأل الله ـ تعالى ـ بفضله وكرمه ، أن يجنبنا إياها ، وأن يسترنا بستره الجميل.
ثم يبين ـ سبحانه ـ بعد ذلك مشهدا من مشاهد يوم القيامة ، ويحكى أقوال الغاوين وحسراتهم .. فيقول :
(وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ (٩٠) وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغاوِينَ (٩١) وَقِيلَ لَهُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ (٩٢) مِنْ دُونِ اللهِ هَلْ يَنْصُرُونَكُمْ أَوْ يَنْتَصِرُونَ (٩٣) فَكُبْكِبُوا فِيها هُمْ وَالْغاوُونَ (٩٤) وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ (٩٥) قالُوا وَهُمْ فِيها يَخْتَصِمُونَ (٩٦) تَاللهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٩٧) إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعالَمِينَ (٩٨) وَما أَضَلَّنا إِلاَّ الْمُجْرِمُونَ (٩٩) فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ (١٠٠) وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ (١٠١)