قال الإمام ابن كثير : وقوله : (إِنَّه كانَ غَفُوراً رَحِيماً) دعاء لهم إلى التوبة والإنابة ، وإخبار بأن رحمته واسعة ، وأن حمله عظيم وأن من تاب إليه تاب عليه ، فهؤلاء مع كذبهم. وافترائهم. وفجورهم. وبهتهم. وقولهم عن الرسول والقرآن ما قالوا ، يدعوهم ـ سبحانه ـ إلى التوبة والإقلاع عما هم عليه من كفر إلى الإسلام والهدى. كما قال ـ تعالى ـ : (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّه ثالِثُ ثَلاثَةٍ. وما مِنْ إِله إِلَّا إِله واحِدٌ ، وإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ ، أَفَلا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّه ويَسْتَغْفِرُونَه ، واللَّه غَفُورٌ رَحِيمٌ ..) قال الحسن البصري : انظروا إلى هذا الكرم والجود. قتلوا أولياءه وهو يدعوهم إلى التوبة .. (١)
ثم حكى ـ سبحانه ـ بعد ذلك شبهة ثالثة ، تتعلق بشخصية النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم حيث أنكروا أن يكون الرسول من البشر وأن يكون آكلا للطعام وماشيا في الأسواق ، فقال ـ تعالى ـ :
(وقالُوا ما لِهذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعامَ ويَمْشِي فِي الأَسْواقِ لَوْ لا أُنْزِلَ إِلَيْه مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَه نَذِيراً (٧) أَوْ يُلْقى إِلَيْه كَنْزٌ أَوْ تَكُونُ لَه جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْها وقالَ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُوراً (٨) انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الأَمْثالَ فَضَلُّوا فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا (٩) تَبارَكَ الَّذِي إِنْ شاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْراً مِنْ ذلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهارُ ويَجْعَلْ لَكَ قُصُوراً (١٠) بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ وأَعْتَدْنا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيراً) (١١)
__________________
(١) تفسير ابن كثير ج ٦ ص ١٠٢.