ما رواه الشيخان عن أبى موسى الأشعرى أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «مثل الجليس الصالح وجليس السوء ، كحامل المسك ونافخ الكير ، فحامل المسك إما أن يحذيك. وإمّا أن تبتاع منه. وإما أن تجد منه ريحا طيبة ، ونافخ الكير ، إما أن يحرق ثوبك. وإما أن تجد منه ريحا خبيثة».
ثم بين ـ سبحانه ـ ما قاله الرسول صلىاللهعليهوسلم في شأن هؤلاء المشركين ، وما قالوه في شأن القرآن الكريم ، وما رد به ـ سبحانه ـ عليهم ، فقال ـ تعالى ـ :
(وَقالَ الرَّسُولُ يا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً (٣٠) وَكَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفى بِرَبِّكَ هادِياً وَنَصِيراً (٣١) وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ لا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً واحِدَةً كَذلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ وَرَتَّلْناهُ تَرْتِيلاً (٣٢) وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلاَّ جِئْناكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً (٣٣) الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلى وُجُوهِهِمْ إِلى جَهَنَّمَ أُوْلئِكَ شَرٌّ مَكاناً وَأَضَلُّ سَبِيلاً)(٣٤)
وقوله ـ سبحانه ـ : (وَقالَ الرَّسُولُ ..). معطوف على قوله ـ تعالى ـ قبل ذلك : (وَقالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ ...).
وما بينهما اعتراض مسوق لاستعظام قبح ما قالوه ولبيان ما يحل بهم بسببه من عذاب.
أى : وقال الرسول محمد صلىاللهعليهوسلم متضرعا وشاكيا لربه «يا رب إن قومي» الذين أرسلتنى إليهم قد «اتخذوا هذا القرآن» المشتمل على ما يهديهم إلى الرشد وعلى ما يسعدهم في دنياهم وآخرتهم ، قد اتخذوه «مهجورا» أى : متروكا فقد تركوا تصديقه ، وتركوا العمل به وتركوا ، التأثر بوعيده .. من الهجر ـ بفتح الهاء بمعنى الترك ، أو المعنى : قد اتخذوا هذا