بسم اللَّه الرّحمن الرّحيم
مقدمة وتمهيد
١ ـ سورة الفرقان من السور المكية ، وعدد آياتها سبع وسبعون آية ، وكان نزولها بعد سورة «يس». أما ترتيبها في المصحف فهي السورة الخامسة والعشرون.
ومن المفسرين الذين لم يذكروا خلافا في كونها مكية ، الإمام ابن كثير والإمام الرازي.
وقال القرطبي : هي مكية كلها في قول الجمهور. وقال ابن عباس وقتادة : إلا ثلاث آيات منها نزلت بالمدينة ، وهي : (والَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّه إِلهاً آخَرَ) إلى قوله ـ تعالى ـ : (وكانَ اللَّه غَفُوراً رَحِيماً).
٢ ـ وقد افتتحت هذه السورة الكريمة بالثناء على اللَّه ـ تعالى ـ الذي نزل الفرقان على عبده محمد صلَّى اللَّه عليه وسلَّم والذي له ملك السماوات والأرض ... والذي خلق كل شيء فقدره تقديرا.
قال ـ تعالى ـ : (تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى عَبْدِه لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً). (الَّذِي لَه مُلْكُ السَّماواتِ والأَرْضِ. ولَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً. ولَمْ يَكُنْ لَه شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ. وخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَه تَقْدِيراً).
٣ ـ ثم انتقلت السورة بعد ذلك إلى حكاية بعض أقوال المشركين الذين أثاروا الشبهات حول الرسول صلَّى اللَّه عليه وسلَّم وحول دعوته ، وردت عليهم بما يمحق باطلهم ، وقارنت بين مصيرهم السيئ ، وبين ما أعده اللَّه ـ تعالى ـ للمؤمنين من جنات.
قال ـ تعالى ـ : (وقالُوا ما لِهذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعامَ ويَمْشِي فِي الأَسْواقِ لَوْ لا أُنْزِلَ إِلَيْه مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَه نَذِيراً أَوْ يُلْقى إِلَيْه كَنْزٌ أَوْ تَكُونُ لَه جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْها ، وقالَ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُوراً).
٤ ـ وبعد أن يصور القرآن حسراتهم يوم الحشر ، وعجزهم عن التناصر ، يعود فيحكى جانبا من تطاولهم وعنادهم ، ويرد عليهم بما يكبتهم ، وبما يزيد المؤمنين ثباتا على ثباتهم.
قال ـ تعالى ـ : (وقالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا ، لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلائِكَةُ أَوْ نَرى