رَبَّنا ، لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ وعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيراً يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلائِكَةَ لا بُشْرى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ ويَقُولُونَ حِجْراً مَحْجُوراً وقَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْناه هَباءً مَنْثُوراً أَصْحابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وأَحْسَنُ مَقِيلًا).
٥ ـ ثم تحكى السورة جانبا من قصص بعض الأنبياء مع أقوامهم. فيقول : (ولَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وجَعَلْنا مَعَه أَخاه هارُونَ وَزِيراً فَقُلْنَا اذْهَبا إِلَى الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا فَدَمَّرْناهُمْ تَدْمِيراً وقَوْمَ نُوحٍ لَمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أَغْرَقْناهُمْ وجَعَلْناهُمْ لِلنَّاسِ آيَةً ، وأَعْتَدْنا لِلظَّالِمِينَ عَذاباً أَلِيماً ..).
٦ ـ ثم تعود السورة مرة أخرى إلى الحديث عن تطاول هؤلاء الجاحدين على رسولهم صلى اللَّه عليه وسلَّم وتعقب على ذلك بتسليته صلَّى اللَّه عليه وسلَّم عما أصابه منهم فتقول : (وإِذا رَأَوْكَ إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُواً. أَهذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّه رَسُولًا إِنْ كادَ لَيُضِلُّنا عَنْ آلِهَتِنا لَوْ لا أَنْ صَبَرْنا عَلَيْها ، وسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلًا أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَه هَواه أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْه وَكِيلًا أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ؟ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا).
٧ ـ ثم تنتقل السورة الكريمة بعد ذلك إلى الحديث عن مظاهر قدرة اللَّه ـ تعالى ـ فتسوق لنا مظاهر قدرته في مد الظل ، وفي تعاقب الليل والنهار ، وفي الرياح التي يرسلها ـ سبحانه ـ لتكون بشارة لنزول المطر ، وفي وجود برزخ بين البحرين ، وفي خلق البشر من الماء ... ثم يعقب على ذلك بالتعجب من حال الكافرين ، الذين يعبدون من دونه ـ سبحانه ـ ما لا ينفعهم ولا يضرهم ..
قال ـ تعالى ـ : (أَلَمْ تَرَ إِلى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ ولَوْ شاءَ لَجَعَلَه ساكِناً ، ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْه دَلِيلًا ثُمَّ قَبَضْناه إِلَيْنا قَبْضاً يَسِيراً وهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِباساً والنَّوْمَ سُباتاً وجَعَلَ النَّهارَ نُشُوراً).
٨ ـ ثم تسوق السورة في أواخرها صورة مشرقة لعباد الرحمن ، الذين من صفاتهم التواضع ، والعفو عن الجاهل. وكثرة العبادة للَّه ـ تعالى ـ والتضرع إليه بأن يصرف عنهم عذاب جهنم ، وسلوكهم المسلك الوسط في إنفاقهم ، وإخلاصهم الطاعة للَّه ـ تعالى ـ وحده. واجتنابهم للرذائل التي نهى اللَّه ـ عز وجل ـ عنها.
قال ـ تعالى ـ : (وعِبادُ الرَّحْمنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْناً ، وإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً والَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وقِياماً والَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذابَها كانَ غَراماً إِنَّها ساءَتْ مُسْتَقَرًّا ومُقاماً).