وقوله ـ سبحانه ـ : (وَهُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) بيان لنعمة أخرى من نعمه التي لا تحصى.
أى : وهو ـ سبحانه ـ الذي أوجدكم من الأرض ، ونشركم فيها عن طريق التناسل ، وإليه وحده تجمعون يوم القيامة للحساب.
ثم ذكر ما يدل على كمال قدرته فقال : (وَهُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ) بدون أن يشاركه في ذلك مشارك ، (وَلَهُ) وحده التأثير في اختلاف الليل والنهار وتعاقبهما ، وزيادة أحدهما ونقص الآخر ، (أَفَلا تَعْقِلُونَ) وتدركون ما في هذا كله من دلائل واضحة على وحدانية الله ـ تعالى ـ وقدرته؟
ثم حكى ـ سبحانه ـ بعد ذلك أن هؤلاء المشركين ، لم يقابلوا نعم الله ـ تعالى ـ عليهم بالشكر ، وإنما قابلوها بالجحود وبإنكار البعث والحساب ، وأمر ـ سبحانه ـ رسوله صلىاللهعليهوسلم أن يرد عليهم فقال ـ تعالى ـ :
(بَلْ قالُوا مِثْلَ ما قالَ الْأَوَّلُونَ (٨١) قالُوا أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (٨٢) لَقَدْ وُعِدْنا نَحْنُ وَآباؤُنا هذا مِنْ قَبْلُ إِنْ هذا إِلاَّ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ (٨٣) قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيها إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٨٤) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَذَكَّرُونَ (٨٥) قُلْ مَنْ رَبُّ السَّماواتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (٨٦) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ (٨٧) قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٨٨) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ)(٨٩)
ولفظ «بل» في قوله ـ تعالى ـ : (بَلْ قالُوا مِثْلَ ما قالَ الْأَوَّلُونَ) للإضراب الانتقالى. وهو معطوف على مضمر يقتضيه المقام.