(قُلْ رَبِّ إِمَّا تُرِيَنِّي ما يُوعَدُونَ (٩٣) رَبِّ فَلا تَجْعَلْنِي فِي الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (٩٤) وَإِنَّا عَلى أَنْ نُرِيَكَ ما نَعِدُهُمْ لَقادِرُونَ (٩٥) ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَصِفُونَ (٩٦) وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزاتِ الشَّياطِينِ (٩٧) وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ)(٩٨)
قال الجمل : «لما أعلم الله ـ تعالى ـ نبيه صلىاللهعليهوسلم بأنه منزل عذابه بهؤلاء المشركين ، إما في حياته صلىاللهعليهوسلم أو بعد مماته ، علمه كيفية الدعاء بالتخلص من عذابهم فقال ـ تعالى ـ : (قُلْ رَبِّ إِمَّا تُرِيَنِّي ما يُوعَدُونَ) وقوله : (تُرِيَنِّي) فعل مضارع مبنى على الفتح لاتصاله بنون التوكيد ، و (ما) مفعول به ، ورأى بصرية تعدت لمفعولين بواسطة الهمزة ، لأنه من أرى الرباعي ، فياء المتكلم مفعول أول ، وما الموصولة المفعول الثاني ...» (١).
أى : قل ـ أيها الرسول الكريم ـ يا رب إن تطلعني وتريني العذاب الذي توعدت به هؤلاء المشركين ، فأسألك ـ يا إلهى ـ أن لا تجعلني قرينا لهم فيه ، وأبعدنى عن هؤلاء القوم الظالمين ، حتى لا يصيبني ما يصيبهم.
ورسول الله صلىاللهعليهوسلم في عصمة من الله ـ تعالى ـ من أن يجعله مع القوم الظالمين ، حين ينزل بهم العذاب ، ولكن جاءت الآية بهذا الدعاء والإرشاد ، للزيادة في التوقي ، ولتعليم المؤمنين أن لا يأمنوا مكر الله ، وأن يلوذوا دائما بحماه.
وقوله ـ سبحانه ـ (وَإِنَّا عَلى أَنْ نُرِيَكَ ما نَعِدُهُمْ لَقادِرُونَ) بيان لكمال قدرة الله تعالى التي لا يعجزها شيء.
أى : نحن قادرون ـ يا محمد ـ على اطلاعك على العذاب الذي أعددناه لهم ولكن لحكمة نعلمها ، لم نطلعك عليه ، بل سنؤخره عنهم إلى الوقت الذي نريده ، قال تعالى : و (إِمَّا
__________________
(١) حاشية الجمل على الجلالين ج ٣ ص ٢٠١.