الإحكام العجيب ، والإتقان البديع ، لأنه ـ سبحانه ـ خبير بما تفعلونه ومطلع على ما تخفونه وما تعلنونه.
ثم ختم ـ سبحانه ـ السورة الكريمة ببيان جزاء من أحسن ، وبيان جزاء من أساء ، وببيان منهج الرسول صلىاللهعليهوسلم في دعوته فقال ـ تعالى ـ :
(مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ (٨٩) وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلاَّ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٩٠) إِنَّما أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَها وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (٩١) وَأَنْ أَتْلُوَا الْقُرْآنَ فَمَنِ اهْتَدى فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَقُلْ إِنَّما أَنَا مِنَ الْمُنْذِرِينَ (٩٢) وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آياتِهِ فَتَعْرِفُونَها وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ)(٩٣)
وقوله ـ سبحانه ـ : (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها) بيان وتفصيل لمظاهر علم الله ـ تعالى ـ لكل ما يفعله الناس ، الذي أشير إليه قبل ذلك بقوله : (إِنَّهُ خَبِيرٌ بِما تَفْعَلُونَ).
والمراد بالحسنة : كل ما يقوله أو يفعله المسلم من قول طيب ، ومن عمل صالح ، فيشمل النطق بالشهادتين ، وأداء ما كلف الله الإنسان بأدائه من فرائض وواجبات ، واجتناب السيئات والشبهات.
أى : من جاء بالفعلة الحسنة ، فله من الله ـ تعالى ـ ما هو خير منها من ثواب وعطاء حسن ، كما قال ـ تعالى ـ في آية أخرى : (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها).
فالمراد بما هو خير منها : الثواب الذي يمنحه الله ـ تعالى ـ لمن أتى بها.
وقوله ـ تعالى ـ : (وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ) تقرير لما قبله ، وبشارة للمؤمنين الذين جاءوا بالحسنات ، بالأمان والاطمئنان.