(وَمَنْ شَكَرَ) الله ـ تعالى ـ على نعمه (فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ) حيث يزيده ـ سبحانه ـ منها.
(وَمَنْ كَفَرَ) نعم الله ـ تعالى ـ وجحدها (فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌ) عن خلقه (كَرِيمٌ) في معاملته لهم ، حيث لم يعاجلهم بالعقوبة ، بل يعفو ويصفح عن كثير من ذنوبهم.
ثم ختم ـ سبحانه ـ هذه القصة البديعة ، ببيان ما فعله سليمان بالعرش ، وبما قاله لملكة سبأ بعد أن قدمت إليه ، وبما انتهى إليه أمرها ، فقال ـ تعالى ـ :
(قالَ نَكِّرُوا لَها عَرْشَها نَنْظُرْ أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لا يَهْتَدُونَ (٤١) فَلَمَّا جاءَتْ قِيلَ أَهكَذا عَرْشُكِ قالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِها وَكُنَّا مُسْلِمِينَ (٤٢) وَصَدَّها ما كانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللهِ إِنَّها كانَتْ مِنْ قَوْمٍ كافِرِينَ (٤٣) قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَنْ ساقَيْها قالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوارِيرَ قالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ)(٤٤)
وقوله : (نَكِّرُوا لَها عَرْشَها) من التنكير الذي هو ضد التعريف ، وهو جعل الشيء على هيئة تخالف هيئته السابقة حتى لا يعرف.
أى : قال سليمان لجنوده ، بعد أن استقر عنده عرش بلقيس : غيروا لهذه الملكة عرشها ، كأن تجعلوا مؤخرته في مقدمته ، وأعلاه أسفله ..
وافعلوا ذلك لكي (نَنْظُرْ) ونعرف (أَتَهْتَدِي) إليه بعد هذا التغيير ، أو إلى الجواب اللائق بالمقام عند ما تسأل (أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لا يَهْتَدُونَ) إلى معرفة الشيء بعد تغيير معالمه المميزة له. أو إلى الجواب الصحيح عند ما تسأل عنه.
فالمقصود بتغيير هيئة عرشها : اختبار ذكائها وفطنتها ، وحسن تصرفها ، عند مفاجأتها