وَما كانُوا يَعْرِشُونَ). (١).
وقوله ـ تعالى ـ : (وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ) أى : ونجعلهم أقوياء راسخى الأقدام في الأرض التي نورثهم إياها ، بعد القوم الظالمين.
(وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما) أى : ونطلع فرعون وهامان ـ وهو وزير فرعون ـ وجنودهما التابعين لهما (مِنْهُمْ) أى : من بنى إسرائيل المستضعفين في الأرض (ما كانُوا يَحْذَرُونَ) أى ما كانوا يحاولون دفعه واتقاءه ، فقد كان فرعون وجنده يقتلون الذكور من بنى إسرائيل ، خوفا من ظهور غلام منهم يكون هلاك فرعون على يده.
قال ابن كثير : أراد فرعون بحوله وقوته ، أن ينجو من موسى. فما نفعه ذلك ، بل نفذ الله ـ تعالى ـ حكمه. بأن يكون إهلاك فرعون على يد موسى ، بل يكون هذا الغلام الذي احترزت من وجوده ـ يا فرعون ـ ، وقتلت بسببه ألوفا من الولدان ، إنما منشؤه ومرباه على فراشك وفي دارك ... وهلاكك وهلاك جندك على يديه ، لتعلم أن رب السموات العلا ، هو القاهر الغالب العظيم ، الذي ما شاء كان ، وما لم يشأ لم يكن (٢).
وهكذا تعلن السورة الكريمة في مطلعها ، أن ما أراده الله ـ تعالى ـ لا بد أن يتم ، أمام أعين فرعون وجنده ، مهما احتاطوا ومهما احترسوا ، (وَاللهُ غالِبٌ عَلى أَمْرِهِ ، وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ).
* * *
ثم فصل ـ سبحانه ـ الحديث عن موسى ـ عليهالسلام ـ فذكر ما ألهمه لأمه عند ولادته. وما قالته امرأة فرعون له عند التقاط آل فرعون لموسى ، وما كانت عليه أم موسى من حيرة وقلق ، وما قالته لأخته ، وكيف رد الله ـ تعالى ـ بفضله وكرمه موسى إلى أمه ..
لنستمع إلى السورة الكريمة ، وهي تفصل هذه الأحداث ، بأسلوبها البديع المؤثر فتقول :
(وَأَوْحَيْنا إِلى أُمِّ مُوسى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلا تَخافِي وَلا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ (٧)
__________________
(١) سورة الأعراف الآية ١٣٧.
(٢) تفسير ابن كثير ج ٦ ص ٢٣١.