٩ ـ ومن هذا العرض المختصر لأبرز القضايا التي اهتمت بالحديث عنها السورة الكريمة ، نرى ما يأتي.
(أ) أن السورة الكريمة قد ساقت ألوانا من الأدلة على قدرة اللَّه ـ تعالى ـ وعلى وجوب إخلاص العبادة له ، وعلى الثناء عليه ـ سبحانه ـ بما هو أهله.
نرى ذلك في مثل قوله ـ تعالى ـ : (تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى عَبْدِه ...) (تَبارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّماءِ بُرُوجاً ...) (تَبارَكَ الَّذِي إِنْ شاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْراً مِنْ ذلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهارُ ...) وفي مثل قوله ـ تعالى ـ : (وهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هذا عَذْبٌ فُراتٌ ، وهذا مِلْحٌ أُجاجٌ ، وجَعَلَ بَيْنَهُما بَرْزَخاً وحِجْراً مَحْجُوراً وهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً فَجَعَلَه نَسَباً وصِهْراً وكانَ رَبُّكَ قَدِيراً ويَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّه ما لا يَنْفَعُهُمْ ولا يَضُرُّهُمْ ، وكانَ الْكافِرُ عَلى رَبِّه ظَهِيراً).
(ب) أن السورة الكريمة زاخرة بالآيات التي تدخل الأنس والتسرية والتسلية والتثبيت على قلب النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم بعد أن اتهمه المشركون بما هو برئ منه ، وسخروا منه ومن دعوته ، ووصفوا القرآن بأنه أساطير الأولين ، واستنكروا أن يكون النبي من البشر.
نرى هذه التهم الباطلة فيما حكاه اللَّه عنهم في قوله ـ تعالى ـ : (وقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذا إِلَّا إِفْكٌ افْتَراه وأَعانَه عَلَيْه قَوْمٌ آخَرُونَ ، فَقَدْ جاؤُ ظُلْماً وزُوراً وقالُوا أَساطِيرُ الأَوَّلِينَ اكْتَتَبَها فَهِيَ تُمْلى عَلَيْه بُكْرَةً وأَصِيلًا. وقالُوا ما لِهذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعامَ ويَمْشِي فِي الأَسْواقِ لَوْ لا أُنْزِلَ إِلَيْه مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَه نَذِيراً. وإِذا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمنِ قالُوا ومَا الرَّحْمنُ أَنَسْجُدُ لِما تَأْمُرُنا وزادَهُمْ نُفُوراً).
وترى التسلية والتسرية والتثبيت في قوله ـ تعالى ـ : (انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الأَمْثالَ فَضَلُّوا فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا تَبارَكَ الَّذِي إِنْ شاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْراً مِنْ ذلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهارُ ويَجْعَلْ لَكَ قُصُوراً).
(وما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعامَ ويَمْشُونَ فِي الأَسْواقِ وجَعَلْنا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً ، أَتَصْبِرُونَ ، وكانَ رَبُّكَ بَصِيراً).
(وقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ لا نُزِّلَ عَلَيْه الْقُرْآنُ جُمْلَةً واحِدَةً ، كَذلِكَ لِنُثَبِّتَ بِه فُؤادَكَ ورَتَّلْناه تَرْتِيلًا ولا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْناكَ بِالْحَقِّ وأَحْسَنَ تَفْسِيراً).
وهكذا نرى السورة الكريمة زاخرة بالحديث عن الشبهات التي أثارها المشركون حول النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم ودعوته ، وزاخرة ـ أيضا ـ بالرد عليها ردا يبطلها. ويزهقها. ويسلى النبي