وقد ساق ـ سبحانه ـ في كتابه عشرات الآيات الدالة على وحدانيته وقدرته ، ومن ذلك قوله ـ تعالى ـ :
(إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ، وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبابِ) (١).
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَمِنْ آياتِهِ مَنامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَابْتِغاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ ...) (٢).
وقوله ـ تعالى ـ : (إِنَّ فِي اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ ، وَما خَلَقَ اللهُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ، لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ) (٣).
والمراد بالرزق في قوله : (وَيُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّماءِ رِزْقاً) .. الأمطار التي تنزل من السماء على الأرض ، فتحييها بعد موتها ، بأن تحولها من أرض جدباء يابسة ، إلى أرض خضراء بشتى الزروع والثمار.
وأطلق ـ سبحانه ـ على المطر رزقا. لأنه سبب فيه ، وأفرده بالذكر مع كونه من جملة الآيات التي يريها ـ تعالى ـ لعباده لتفرده بعنوان كونه من آثار رحمته ، وجلائل نعمه ، الموجبة لشكره ـ عزوجل ـ ، ولوجوب إخلاص العبادة له.
وقوله ـ تعالى ـ : (وَما يَتَذَكَّرُ إِلَّا مَنْ يُنِيبُ) بيان لمن هو أهل للانتفاع بهذه الآيات.
أى : وما يتذكر وينتفع بهذه الآيات إلا من يرجع عن المعصية إلى الطاعة وعن الكفر إلى الإيمان ، وعن العناد والجحود ، إلى التفكر والتدبر بقلب سليم.
فقوله (يُنِيبُ) من الإنابة ، ومعناها الرجوع عن الكفر والمعاصي : إلى الإيمان والطاعة.
والفاء في قوله ـ تعالى ـ : (فَادْعُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ..) للإفصاح عن شرط مقدر. أى : إذا كان الأمر كما ذكرت لكم من أن كل شيء في هذا الوجود يدل على وحدانية الله ـ تعالى ـ فأخلصوا له العبادة والطاعة (وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ) منكم ذلك ـ أيها المؤمنون ـ فلا تلتفتوا إلى كراهيتهم ، وامضوا في طريق الحق ، ودعوهم يموتوا بغيظهم ..
وقد أخذ العلماء من هذا الآية الكريمة ، وجوب إخلاص العبادة لله ـ تعالى ـ ووجوب الإكثار من التضرع إليه بالدعاء.
__________________
(١) سورة آل عمران الآية ١٩٠.
(٢) سورة الروم الآية ٢٣.
(٣) سورة يونس الآية ٦.