اعلم أنه تظهر ثمرات من معنى هذه الجملة ومن ذكر قصة داود ، أما معنى الآية فهذا استفهام ، ومعناه الدلالة على أنه من الأنباء العجيبة التي حقها أن تشيع وتظهر.
وقوله : (نَبَأُ الْخَصْمِ) الخصم : يقع على الواحد والجمع.
وما ورد أنهما ملكان. قال الزمخشري : فلا يمتنع أنه قد صحبهما غيرهما ، وسماهما باسم الخصم لما كانوا في صورة الخصوم.
وقوله تعالى : (إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرابَ) أي : تصعدوا سوره وهو حائطه ، والمحراب مصلاه.
روي أن الله تعالى بعث إليه ملكين في صورة انسانين فطلبا يدخلان إليه فمنعهما الحرس ؛ لأن ذلك كان في يوم عبادته ، فتسوروا عليه المحراب فلم يشعر إلا وهما بين يديه.
قال ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ : إن داود عليهالسلام جزأ زمانه أربعة أجزاء ، يوما للعبادة ، ويوما للقضاء ، ويوما للاشتغال بخواصه ، ويوما يجمع بني إسرائيل فيعظهم ، فجاءوه في غير يوم القضاء ، ومن فوق والحرس حوله ، ففزع منهم فقالوا : (خَصْمانِ بَغى بَعْضُنا عَلى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنا).
قال الزمخشري : وإنما جاز من الملائكة أن يخبروا عن نفوسهم بما لم يتلبسوا به ؛ لأن ذلك على جهة التمثيل والتصور ، كما يقول القائل في تصوير المسألة : زيد له أربعون من الغنم ، وعمرو له أربعون فخلطاها ، أو لي أربعون ولك أربعون فخلطناهما ، وحال الحول هل تجب فيها زكاة.
وقيل : معناه نحن كخصمين فحذف كاف التشبيه ، كما يقال : وجه القمر ، أي كالقمر ، قال الشاعر :
بدت قمرا ومالت حوطبان |
|
وفاحت عنبرا ورنت غزالا |