وفي ذلك أقوال للمفسرين :
الأول : عن أبي مسلم أنه أراد بالصلاة الدعاء إلى ما شرع من الدين ؛ لأن الصلاة في اللغة الدعاء.
الثاني : أنه أراد بالصلاة القراءة بدليل قوله تعالى : (وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها) [الإسراء : ١١٠] أراد بقراءتك.
الثالث : الذي عليه أكثر المفسرين وصححه الحاكم : أنه أراد الصلاة المشتملة على الركوع والسجود ، ولأن ما ورد عن الله وعن رسوله إذا كان له معنى في اللغة ومعنى في الشرع حمل على المعنى الشرعي ، لكن الدلالة مجملة ، وبيانها بفعله عليهالسلام.
وقوله تعالى : (إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ) [العنكبوت : ٤٥]
قيل : أراد بالمنكر : ما ينكره العقل والشرع.
وهاهنا نكتة : وهي أن يقال : كم من مصل يرتكب الفحشاء والمنكر ولا تنهاه صلاته؟ جواب ذلك من وجوه :
الأول : أنه أراد بالصلاة الدعاء إلى الحق.
الثاني : مروي عن ابن عباس ، وابن مسعود : أن الصلاة تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر.
قيل : لأن ذلك بمنزلة النهي بالقول ؛ لأن فيها التكبير والتسبيح ، والقراءة ، والوقوف لله ، وكل ذلك يدعو إلى ترك الفحشاء ، فصار كالداعي وهو كقوله تعالى : (قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ) [فصلت : ١١]
وقول الشاعر :
امتلأ الحوض وقال قطني |
|
[مهلا قليلا قد ملأت بظني] |
وقيل إنها نهي ما دام فيها.