الثالث : من قوله تعالى : (وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ) فجعل له حال الصابرين والغافرين.
الرابع : قوله تعالى : (إِنَّ ذلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) وقيل المعنى : من الأمور الثابتة التي أمرنا بها ولم تنسخ ، وقيل من أعلى درجات الفضل.
وأعلم أن الآية مطلقة لم تخص عفوا من عفوا ولكن قد أخرجت صور.
الأولى : ما كان فيه حق الله تعالى.
الثانية : ما كان العفو يحصل منه ذلة أو تماد في منكر.
الثالثة : العفو عن المصر ، على قول أبي القاسم خلاف قول عامة الشيوخ.
قال في التهذيب : العفو بعد التوبة حسن بالاتفاق ، وفي حق المصر يحسن عند مشايخنا لأنه إسقاط حقه.
وقال أبو القاسم : لا يحسن ؛ لأنه إغراء ولو كان حسنا لكان الله به أولى.
قلنا : مع قيام الوعيد لا يكون إغراء ، ويجوز الإسقاط بالعفو لجوازه بالتوبة ، ويجوز أن يعفو الله عن المصر عقلا ، وإنما منع منه السمع فهذه ثمرة.
الثمرة الثالثة جواز استيفاء الحق وحسنه.
وقوله تعالى
(وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها) [الشورى : ٤٠]
أراد أن الأولى تسوء من أساء عليه.
والثانية تسوء المستوفى منه ، ولهذا قال تعالى : (وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِكَ) [النساء : ٧٨] أراد ما يسوءهم من المصائب.