الحرم ، قال روي أن مضارب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كانت في الحل ، ومصلاه في الحرم ، يريد بالمضارب الخيام ، وفي ذلك دليل على فضل الصلاة في الحرم ، وإنما قال : (وَالْهَدْيَ مَعْكُوفاً أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ) يعني : محله المعتاد وهو منى.
وروى ابن جريج قال : قلت لعطاء : إن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم هو وأصحابه نحروا الهدي وحلقوا بالحديبية حين أحصروا فقال : إنهم حلوا في الحرم ، وتلا قوله تعالى : (ثُمَّ مَحِلُّها إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ) [الحج : ٣٣] والحرم محلها ، وفي الخبر عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم : «منى كلها منحر ، وفجاج مكة طريق ومنحر».
إن قيل : هذا الاستدلال يقضي أن الحرم كله سواء في هدي العمرة والحج؟
قلنا : الأفضل في الحج أن يكون ذبح هديه في منى ؛ لأنه صلىاللهعليهوآلهوسلم فعل ذلك ، ولأنه موضع التحليل ، والأفضل في العمرة أن يكون ذبح هديها بمكة ؛ لأنه موضع التحلل ، ولأن قد جرت به عادة المسلمين ، فإن ذبح في غير ذلك لضرورة جاز بلا خلاف ، وإن كان لغير ضرورة جاز أيضا ، وإن ترك الأفضل على ما ارتضاه الاستدلال ، وقد ذكره الفقيه محمد بن سليمان.
وعن المنصور بالله : يكون تاركا للنسك فيجزي وعليه دم ، وظاهر كلام اللمع ، وصرح به في البيان لا يجزي وهو مستدرك عليه بأن يقال : إنما شرط الضرورة للذبح في غير مكة لئلا يترك الأفضل ، والشافعي أخذ بما ورد أنه صلىاللهعليهوآلهوسلم ذبح بالحديبية ، وأنها ليست من الحرم.
الحكم الثاني : أن يقال : هذا الهدي جعله رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم هديا للعمرة ، فكيف ذبحه للإحصار؟