لأن قوله تعالى : (مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا) بمعنى من قبل المساس ، والمساس يعم كل وطء ، فإذا منع من الكل منع من البعض.
واختلفوا إذا وطئ قبل التكفير هل تلزمه كفارة ثانية؟
قال في النهاية : مذهب فقهاء الأمصار ، مالك وأبي حنيفة ، والشافعي والثوري ، والأوزاعي ، وأحمد ، وإسحاق ، وأبي ثور ، وداود ، والطبري ، وأبي عبيد أنها كفارة واحدة ، لحديث سلمة بن صخر ؛ لأنه صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يأمره إلا بكفارة واحدة.
وقال قوم : عليه كفارتان ، كفارة العزم على الوطء وكفارة الوطء ؛ لأنه وطء محرم ، وهذا مروي عن عمرو بن العاص ، وقبيصة بن ذؤيب ، وسعيد بن جبير ، وابن شهاب.
وقال قوم : إنه لا يلزمه شيء ؛ لأن وقتها قد خرج لقوله تعالى : (مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا) وقد حكى هذا القول في الانتصار عن بعض أصحاب الشافعي. وقال : المختار أنها لا تسقط ، ولا تجب كفارة ثانية.
وقال مجاهد : تجب كفارة ثانية.
وأما الفصل العاشر
وهو بيان ما يرفع هذا الموجب وهو التحريم فترفعه الكفارة ، وذلك وفاق بين من قال بهذا الموجب ، وهو قول الأكثر ، لكن اختلف العلماء اختلافا كثيرا ، ما موجب هذه الكفارة ،
وفي ذلك أقوال :
الأول : ظاهر قول أهل المذهب ، وأبي حنيفة وأصحابه ، وأحمد ، والحسن ، وقتادة ، وسعيد بن جبير ، وهو مروي عن ابن عباس ، أن موجبها العود ، والعود هو أن يريد مماستها ، وهذه الرواية الظاهرة عن مالك.