بالمحل ، فإن لذة الإنسان به أشد من لذته بالمأكل والمشرب ، لملازمته للمحل دون المأكل.
قوله تعالى : (لا مَقْطُوعَةٍ وَلا مَمْنُوعَةٍ).
بدأ بالمقطوعة لأنها أعم من الممنوعة ، لأن الممنوعة قد تكون موجودة ويمنعون منها ، والمقطوعة ليست موجودة البته ، ونفي الأعم عندهم أخص من نفي الأخص ، والقاعدة عند البيانيين في الترتيب البداية بالأخص ، ثم بالأعم ، فمقطوع أعم من ممنوع ، فنقيضه لا مقطوع أخص من نقيض لا ممنوع.
قوله تعالى : (إِنَّا أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً).
التأكيد بأن إما لأن على المخاطب تحايل الإنكار ، أو لأنه جواب عن سؤال ، وقد ذكر ابن مالك : في وجوه التأكيد كون الكلام جوابا عن سؤال مقدر ، وأنشد عليه :
بكّرا صاحبيّ قبل الهجير |
|
إن ذاك النجاح في التبكير |
وهو من قول بشار.
وعبر بالإنشاء لأنه خلق مبتدأ لم يسبق بشيء كما يقوله الأصوليون ، أن الإنشاء هو اللفظ الذي لا ثبت معناه الآية بخلاف الخبر ، فإن معناه ثابت قبل ذلك ، وكذلك أيضا الإنشاء هنا مخالف للإنشاء المتقدم ، لأنه تركيب غير قابل للعدم ، والجزم بخلق الله تعالى ، لأن العقل اقتضى ذلك كما تقول المعتزلة.
وقوله تعالى : (فَجَعَلْناهُنَّ أَبْكاراً) ، إن أريد الحور العين فجعل بمعنى خلق ، وإن أريد الآدميات ، فهي بمعنى ضرر ، لأن البكارة فيهن مسبوقة بالثيوبة ، والآدميات أفضل لامتيازهن عن الحور العين ، بالطاعة في الدنيا ، ونحتمل كون الحور العين أفضل ، كما يجوز أن ينعم الله العاصي ، ويعذب الطائع ، فقد يكون المفعول عندنا أفضل عند الله تعالى ، الزمخشري : (وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ) قصدت حسي ارتفعت ، ومرفوعة على الامرأة ، وقيل : هي إلينا لأن المرأة يكني عنها بالفراش ، وعلى التفسير الأول اضمر لهن ، لأن ذكر الفراش ، وهي المضاجع دل عليهن ، الطيبي : يحتمل أن يريد إضمار لفظة لهن ، أي أنشأنا لهن ، ويحتمل أن يكون الضمير في أنشاناهن عائدا على النشأ لدلالة الفراش عليهن ، لملازمتهن للفراش ، انتهى ، هذا أنسب لما قاله المفسرون.
قوله تعالى : (لِأَصْحابِ الْيَمِينِ).