الضمير هنا لمطلق الربط ، كقول الزمخشري : في سورة البقرة في (وَما هُمْ بِخارِجِينَ مِنَ النَّارِ) [سورة البقرة : ١٦٧] ، لأن الخلود في النار ليس خاصا بالمنافقين.
قوله تعالى : (جَمِيعاً).
احتراس ، لأنه تقرر أن الكذب فيما يبعد تواطؤ الجماعة عليه ، وكذا أكد الإخبار عن كذبهم بأن والبناء على المضمر ، وتعريف الخبر واللام في له إما للتعدية ، وإما للتعليل ، وهو أصوب لأن لام التعدية تقتضي مباشرتهم إياه للحلف ، وهو أحقر من ذلك ، فإن قلت : هي في قوله (كَما يَحْلِفُونَ لَكُمْ) ، والتورية ، وهو مشبه به ، قلت : التشبيه لا يلزم أن يكون من كل الوجوه.
قوله تعالى : (اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطانُ).
الزمخشري : استولى عليهم ، وهو من حاذ الحمار العانة ، إذا جمعها وثناها غالبا لها ، وهو حمار الوحش ، والعانة جماعة الأتن ، أبو حيان : قياسه استحاذ مثل استقام ، وهي قراءة أبي عمرو ، واستحوذ شأن في القياس فصح الاستعمال ، انتهى ، هذا مما روعي فيه أصله وفرعه ، لأن حرف العلة إذا تحرك وانفتح ما قبلها تقلب ألفا ، وهذا أصله استحوذ ، فنقلت حركة حرف العلة إلى الحاء ، وروعي في الحاء حركتها الآن المنقولة إليها ، وفي الواو حركتها المنقولة عنها ، الطيبي : روعي فيه ما روعي استفعل بمعنى فعل ، وجرد حرف العلة فيها متحرك ، الفخر : احتج بها القاضي عبد الجبار من المعتزلة ، على أن أعمال الخلق مخلوقة ، من وجهين :
أحدهما : أن ذلك النيسان لو حصل بخلق الله لكانت إضافته إلى الشيطان كذبا.
والثاني : أنه لو حصل بخلق لكان هؤلاء المذكورون كالمؤمنين في أنهم حزب الله ، انتهى ، وجه الاحتجاج أن المعتزلة اتفقوا على أن العبد يخلق أفعاله الراجعة إلى نفسه ، واختلفوا فيما يتعلق منها بغيره ، فمنهم من قال : بالتولد وأنه من فعل الفاعل الأول فيما يتم له الاستدلال بها إلا على القول بالتولد ، وفي الآية دليل على الترك فعل ، لأن النسيان ترك ، وقد قال قبلها (إِنَّهُمْ ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) [سورة التوبة : ٩] ، فسمى الصادر منهم عملا إلا أن يجاب بأنهم ذموا بأمرين سواء فعلهم وبتركهم ذكر الله ، والمصدر في ذكر الله تعالى مضاف للمفعول ، ويحتمل أن يكون مضافا للفاعل والمعنى فإنساءهم استعار أن الله يذكرهم ، وأنه ليس بغافل عنهم ، ويعلم سرائرهم وخفيات أمورهم.