بل كانوا نائمين فما الموجب لعقوبتهم إلا مجرد عزمهم وقسمهم ، وعادة الله في إهلاك أكثر الأمم كونه على غرة وغفلة.
قوله تعالى : (أَنِ اغْدُوا عَلى حَرْثِكُمْ).
عداه بعلى ، لأن الذي يقطع ثمر النخل يستعلي عليها.
قوله تعالى : (إِنْ كُنْتُمْ صارِمِينَ).
صرام النخل بالفعل متأخر عن الغدو عليها ، فلا يكون عليها شرطا في الغدو ، ولأن الشرط متقدم على المشروط ، فيتعين إن المراد إن كنتم عازمين على صرامها.
قوله تعالى : (قالُوا سُبْحانَ رَبِّنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ).
وقال تعالى بعده (وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا طاغِينَ) لأن الظلم معصية قاصرة على نفس الإنسان ، والطغيان معصية متعدية لغيره ، [.....] ظلموا أنفسهم بقسمهم وعدم استثنائهم ، وطغوا على المساكين بعزمهم على منعهم من عادتهم.
قوله تعالى : (عَسى رَبُّنا).
قال ابن عصفور : كلما وقع في القرآن من عسى فهو واجبة إلا قوله تعالى :
(عَسى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَ) [سورة التحريم : ٥] ، وتقدم الرد عليه واستثناء هذه لكان صوابا ، لأن التبديل هنا لم يقع إلا أن يجيب : بأن ذلك في عسى ، إذا كانت من الله تعالى ، وهذه من كلام أصحاب الجنة.
قوله تعالى : (وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ).
وقف بعضهم على أكبر ، وجواب لو محذوف أي لاهتدوا وهو حسن.
قوله تعالى : (إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِنْدَ رَبِّهِمْ).
تقديم المجرور هنا واجب ، لأن الضمير في ربهم يعود عليه ، فلو أخر عليه لأدى إلى عود الضمير على ما بعده لفظا ورتبة.
قوله تعالى : (أَفَنَجْعَلُ) [٨٠ / ٣٩٦] (الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ).
ابن عطية : لما نزلت أن للمتقين عند ربهم جنات النعيم ، قالت قريش : أن كانت جنات ، قلنا : فيها أكثر حظ ، فنزلت (أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ) انتهى ، لو كان كما قال : لقيل : أفنجعل المجرمين كالمسلمين ، لأنهم أثبتوا للمسلمين فيها حظا وادعوا أن لهم مثله وآخر منه ، فلو روعي في الآية مقتضى السبب لقيل : أفنجعل