رؤية ظاهرة لا شك فيها بحيث تصفهم لغيرك ، والواحد منا إذا رأى شيئا تارة يكون لو سئل عنه لوصفه لغيره كأنه يشاهد فهذا أحاط بصفته ، وتارة لا يقدر على وصفه لغيره.
قوله تعالى : (وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ).
هو مقتضاه ، وهو نحو قول الأصوليين : لحن الخطاب وهو عندهم دلالة اللفظ التزاما على ما لا يستقل الحكم إلا به : (أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ) [سورة الشعراء : ٦٣] أي فضرب فانفلق ، وقد أطال أبو علي المعالي في الأعالي الكلام في لفظ اللحن انظر فيه.
قال ابن عرفة : فاقتضت الآية أن الله تعالى لم يريهم لنبيه صلّى الله عليه وعلى آله وسلم ولا أعلمه بهم لكن جعل له علامة على معرفتهم وهو أنهم يتكلمون بمحضره كلاما يفهم منه عنهم النفاق من غير أن يقصدون به إفهامهم.
قيل لابن عرفة : تقدم لنا هنا أن هذه الآية دالة على صحة الشهادة على الخط في الكلمة الواحدة ، لقوله تعالى : (فِي لَحْنِ الْقَوْلِ) ولم يقل : لحن الكلام ، والقول أعم من الكلام.
قوله تعالى : (وَاللهُ يَعْلَمُ أَعْمالَكُمْ).
قال ابن عرفة : يدخل فيه النظر والنية كما تقدم في قوله : " إنما الأعمال بالنيات (١) " ، أنه يستثنى منه النية والنظر.
قوله تعالى : (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجاهِدِينَ مِنْكُمْ).
قال ابن عرفة : هذا ترق في العلم فأظهرها العلم بالجهاد ثم العلم بالصبر ، وأخفاها العلم بالإخبار ، فإن الأقوال فيها الحقيقة والمجاز والعموم والخصوص
__________________
(١) أخرجه البخاري في صحيحه حديث رقم : ١ ، وأبو داود السجستاني في سننه حديث رقم : ١٨٨٦ ، وابن ماجه في سننه حديث رقم : ٤٢٢٥ ، والبيهقي في السنن الصغير حديث رقم : ١٦٨٢ ، والبيهقي في السنن الكبرى حديث رقم : ١٣٩١٤ ، والحميدي في مسنده حديث رقم : ٣٠ ، والحسن بن علي الجوهري في مسنده حديث رقم : ٢ ، والشهاب القضاعي في الشهاب في الحكم والآداب حديث رقم : ١٠٨٤ ، والربيع بن حبيب في مسنده حديث رقم : ٢ ، وأبو نعيم الأصبهاني في حلية الأولياء حديث رقم : ١١٥١٦.