فإن قلت : فيه دليل لأهل السنة في أن الكفر مخلوق لله عزوجل ومراد له في كل شيء ، قلت : إنما يتم ذلك لو قيل : وكل شيء مخلوق منه زوجان فنحن خلقناه ، أو يقال : وكل شيء خلقنا زوجين مخلوقان لله تعالى ، والآية إنما دل عمومها على أنه لم يقل شيئا منفردا بل مع زوج مناظر له ، فإن قلت : فلم يخلق الإسلام منفردا بل مع الكفر المتناقض له؟ قلت : المعتزلي يقول : إن العبد مستقل بفعله فلم يخلق له الإسلام ولا الكفر.
قوله تعالى : (لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ).
الزمخشري : إرادة أن تذكروا فتعرفوا وتعبدوه ، انتهى ، هذا اعتزال ، فإنهم يقولون : إن الله تعالى أراد من جميع الخلق الإسلام ، ونحن نقول : لو أراد ذلك لما وقع منهم كفر ، ومعنى التذكر إما لأن التعدد مظنة الافتقار والحاجة في الشاهد فيتذكر أن الله تعالى غني بذاته إذ هو واحد لا ثاني له ، أو لأن التعدد من لوازم الحادث والقديم واحد لا يتعدد.
قوله تعالى : (فَفِرُّوا إِلَى اللهِ).
راجع إلى الإقرار بوجوده (وَلا تَجْعَلُوا) راجع إلى الإقرار بوحدانيته وهو من باب الإتيان بالنتيجة عقب الدليل.
فإن قلت : يؤخذ منه أن ارتباط الدليل بالمدلول غير عقلي وإلا لما احتيج إلى ذكر ذلك ، قلت : بل نقول إنه عقلي لكن من الناس من بمعنى النظر ويستجد القريحة فيصل إلى الوجه الذي منه يدل الدليل وآخر لا يفعل ذلك.
وفسر الزمخشري هنا الآية على صريح مذهبه ، والآية تدل أن لفظ الإله كلي كما يقوله المنطقيون.
قوله تعالى : (إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ).
ليس مدلول ذلك في الموضعين واحدا كما قال بعض المعبرين ؛ لأن الأول : إنذار من المعاصي وعذابها غير دائم ، والثاني : إنذار من الإشراك وعذابه دائم.
قوله تعالى : (كَذلِكَ).
في هذه الآية دليل لمن يقول : إن اتحاد المعلول يوجب اتحاد العلة لأنه جعل إليهم على الكفر معلولا باستوائهم الكل في الطغيان لا بوصية بعضهم لبعض.
قوله تعالى : (وَذَكِّرْ).