فكان يرى ذلك واحدة!!» (١).
قلت : مع غضّ النظر عن ضعف السند لموضع الجهل بالراوي والاختلاف في اسم أبيه ونسبه ، فإنّه غير معقول على معتقدنا في الأئمّة ، وأنّهم نور واحد ، ما يقول أوّلهم هو ما يقول آخرهم ، وما يقول آخرهم هو ما يقول أوّلهم ، لأنّهم إنّما يستقون من منهل عذب واحد صاف زلال ، لا غبار عليه لديهم فيما يرون ويروون.
ولعلّه من إلصاق التّهم بأئمّة أهل البيت ، وأنّهم كسائر أصحاب الرأي ، لا يرون الحقيقة إلّا من وراء حجاب!! ونظيره الحديث التالي :
[٢ / ٦٧٢٩] وروى بالإسناد إلى أبي أيّوب الخزّاز ، قال : كنت عند أبي عبد الله عليهالسلام ، فجاء رجل فسأله عن رجل طلّق امرأته ثلاثا؟ فقال : بانت منه. ثمّ جاء رجل آخر من أصحابنا فسأله عن رجل طلّق امرأته ثلاثا؟ فقال : تطليقة واحدة. وجاء آخر فسأله عن رجل طلّق امرأته ثلاثا؟ فقال : ليس بشيء. قال : فنظر إليّ فقال : هو ما ترى! قلت : كيف هذا؟ قال : «هذا يرى أنّ من طلّق امرأته ثلاثا حرمت عليه. وأنا أرى أنّ من طلّق امرأته ثلاثا على السنّة فقد بانت منه. ورجل طلّق امرأته ثلاثا وهي على طهر ، فإنّما هي واحدة. ورجل طلّق امرأته ثلاثا على غير طهر ، فليس بشيء!» (٢).
هذا الحديث ظاهر التشويش ، حيث السؤال مجمل رغم تكرّره ثلاث نوبات. لأنّ السؤال وقع عمّن طلّق ثلاثا ، ولم يتبيّن أنّها وقعت في مجلس واحد أم في مجالس ، وقعت وفق شروطها أم على غير شروطها.
غير أنّ الجواب جاء في كلّ نوبة ، على فرض غير فرض الآخرين.
فأوّلا : جاء الجواب على فرض أنّها وقعت في مجلس واحد ، وفق شرائط السنّة ، فكان من رأي الإمام عليهالسلام هو البتّ وأنّها بانت منه ، فلا رجعة بعدها ، الأمر الّذي يوافق رأي العامّة (فقهاء المدينة السبعة).
__________________
(١) التهذيب ٨ : ٥٣ / ٩٣. ورواه في الاستبصار (٣ : ٢٨٩ / ٧) بالإسناد إلى محمّد بن سعد الأموي. ورواه في الوسائل ٢٢ : ٦٥ / ١٤. وفي نسخة ـ كما في الهامش ـ : محمّد بن سعد السندي!
(٢) التهذيب ٨ : ٥٤ / ٩٥ : الوسائل ٢٢ : ٦٦ / ١٦.