الوجه الرابع
(الوجه الرابع) ـ مما أورد به على الترتب ـ أن الامر بالشيء يقتضي حرمة ضده العام ، فالامر بالاهم يقتضي حرمة نقيضه ، والمهم ان لم يكن مصداقا للنقيض فهو ملازم له ـ ولو في الجملة ـ ولا يعقل اختلاف المتلازمين في الحكم وان لم نقل بسراية حكم أحدهما الى الآخر.
والجواب : أما عن مسلك (المصداقية) فبما مر من عدم معقولية مصداقية الوجود للعدم والعدم للوجود ، لاختلاف مزاج الحيثيتين ، فان الوجود عين منشئية الآثار وحيثية ذاته حيثية طرد العدم والإباء عن العدم ، ومن المعلوم أن فردية شيء لشيء متوقفة على الاتحاد بينهما ، فان الفرد هو مصداق الطبيعة بالحمل الشائع ، وكل طبيعة تؤخذ ـ لا محالة ـ في فردها ، فكيف يكون أحدهما فردا للآخر؟
وأما عن مسلك (السراية) فبأنه اما أن يراد السراية في مرحلة الملاك ، أو السراية في مرحلة الارادة ، أو السراية في مرحلة الجعل والاعتبار.
أما الملاك فهو صفة تكوينية في الشيء فلا يسري الى غيره وان كان ملازما له ، فاذا فرض قيام المصلحة بشرب المريض للدواء مثلا فلا يستلزم ذلك سرايتها الى الملازمات التكوينية للشرب ، التي لا تدخل ـ لكثرتها ـ تحت العد والاحصاء.
ومن هنا يمكن أن يقال بتعلق الملاكات ـ كالاوامر ـ بالطبائع لا بالافراد ، حتى أنها لو فرضت مجردة عن الخصوصيات لكانت واجدة للملاك ، وكفى الاتيان بها كذلك ، اذ ما دام الملاك قائما بالطبيعي فلا يسري منه الى الخصوصيات الفردية ، وان لم يكن التفكيك بينه وبينها بمقتضى ان الشيء ما لم يتشخص لم يوجد.