فمثلا : في مسألة (قصد امتثال الامر) : المتأخر عن الامر وما يأتي من قبله هو القصد الخارجي ، وأخذ القصد في موضوع الامر لا يستلزم تقدم الشيء على نفسه بمرحلتين ـ اذ كيف يؤخذ ما يأتي من قبل الامر في متعلقه؟ ـ لان كون فرد مصداقا للطبيعي منوط بأمرين :
أحدهما : أخذ الطبيعي في حد الفرد كأخذ الهيئة القارة التي لا تقبل القسمة والنسبة لذاتها في تعريف الكيف.
وثانيهما : ترتب الآثار المترقبة من الطبيعي على الفرد ، كترتب تفريق نور البصر على البياض.
ومجرد تحقق الامر الاول لا يجدي في اندراج الفرد تحت الطبيعي ما لم ينضم اليه الامر الثاني ، نعم يكون هو هو بالحمل الاولي الذاتي ، لا بالحمل الشائع الصناعي.
ومن هنا كان انسلاخ معظم المفاهيم عن نفسها في مرحلة الحمل الشائع ، وان احتفظت بالهوهوية في مرحلة الحمل الاولي ، فالجزئي جزئي بالحمل الاولي لصدق تعريفه عليه ، وليس بجزئي بالحمل الشائع لامكان فرض صدقه على كثيرين فليست فيه خاصية مصاديقه وهكذا سائر المفاهيم ، نعم يستثنى من التخالف في الحملين مفهوم (الكلي) ، فانه كلي بالحمل الاولي وبالشائع معا ، لاخذ تعريفه في حده ، ولا مكان فرض صدقه على كثيرين ـ من المفاهيم الكلية ـ ففيه خاصية مصاديقه وكذا مفهوم (الموجود) و (الشيء) ونحوهما.
ففيما نحن فيه : القصد المتأخر هو القصد بالحمل الشائع ، واما المأخوذ في موضوع الخطاب ـ فهو القصد بالحمل الاولي ، أي أنه مفهوم القصد والصورة الذهنية له ، وليس مفهوم الشيء فردا له ولا هو هو بالحمل الشائع ، فالمتقدم هو المفهوم الذهني ، والمتأخر هو المصداق الخارجي ، فلا يلزم تقدم الشيء