إن قلت : كيف قال يوسف ذلك ، مع أنه علمه بأن كل نبي لا يموت إلا مسلما؟
قلت : قاله إظهارا للعبودية والافتقار ، وشدة الرغبة في طلب سعادة الخاتمة ، وتعليما للأمة ، وطلبا للثواب.
١٦ ـ قوله تعالى : (وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ) [يوسف :١٠٦].
إن قلت : كيف قال ذلك ، مع أن الإيمان والشرك لا يجتمعان؟
قلت : معناه : وما يؤمن أكثرهم بأن الله خالقه ورازقه ، وخالق كل شيء قولا ، إلا وهو مشرك بعبادة الأصنام فعلا.
أو أن المراد به المنافقون ، يؤمنون بألسنتهم قولا ، ويشركون بقلوبهم اعتقادا.
١٧ ـ قوله تعالى : (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ..) [يوسف : ١٠٩] قاله هنا ، وفي الحج وفي آخر غافر بالفاء وقاله في الروم وفاطر ، وأول غافر بالواو ، لأن ما في الثلاثة الأول ، تقدمه التعبير في الإنكار بالفاء في قوله هنا : (أَفَأَمِنُوا أَنْ تَأْتِيَهُمْ غاشِيَةٌ) وفي الحج : (فَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها) وفي آخر غافر : (فَأَيَّ آياتِ اللهِ تُنْكِرُونَ؟)
وما في الثلاثة الأخيرة ، تقدمه التعبير بالواو في قوله في الروم : (أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ) وفي فاطر : (أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ ما يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ) وفي أول غافر : (وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ وَما تُخْفِي الصُّدُورُ وَاللهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ.)
" تمت سورة يوسف"