سورة الطّور
١ ـ قوله تعالى : (وَزَوَّجْناهُمْ بِحُورٍ عِينٍ) [الطور : ٢٠].
إن قلت : كيف قال ذلك ، مع أنّ الحور العين في الجنة ، مملوكات ملك يمين ، لا ملك نكاح؟
قلت : معناه قرنّاهم بهنّ ، من قولك : زوّجت إبلي أي قرنت بعضها إلى بعض ، وليس من التزويج الذي هو عقد النكاح ، ويؤيّده أن ذلك لا يعدّى بالباء بل بنفسه ، كما قال تعالى : (زَوَّجْناكَها) [الأحزاب : ٣٧].
٢ ـ قوله تعالى : (كُلُّ امْرِئٍ بِما كَسَبَ رَهِينٌ) [الطور : ٢١].
إن قلت : كيف قال تعالى في وصف أهل الجنة ذلك ، مع أن المعنى : كل امرئ مرهون في النّار بعمله؟
قلت : بل المعنى كلّ نفس مرهونة بالعمل الصالح ، الذي هي مطالبة به ، فإن عمل صالحا فلها ، وإلا أوبقها ، أو الجملة من صفات أهل النار ، معترضة بين صفات أهل الجنّة. روي عن مقاتل أنه قال : معناه كلّ امرئ كافر بما عمل من الكفر ، مرتهن في النار ، والمؤمن لا يكون مرتهنا ، لقوله تعالى : (كُلُّ امْرِئٍ بِما كَسَبَ رَهِينٌ). (إِلَّا أَصْحابَ الْيَمِينِ.)
٣ ـ قوله تعالى : (وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمانٌ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ) [الطور : ٢٤].
قاله هنا وفي الإنسان (١) بالواو ، عطفا على ما قبله ، وقاله في الواقعة (٢) بغير واو ، لأنه حال أو خبر بعد خبر.
٤ ـ قوله تعالى : (فَذَكِّرْ فَما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِكاهِنٍ وَلا مَجْنُونٍ) [الطور : ٢٩].
إن قلت : كيف قال ذلك ، مع أن كلّ أحد غيره كذلك؟
قلت : معناه فما أنت ـ بحمد الله وإنعامه عليك بالصّدق والنبوّة ـ بكاهن ولا مجنون كما يقول الكفّار ، أو" الباء" هنا بمعنى" مع" كما في قوله تعالى : (فَتَسْتَجِيبُونَ
__________________
(١) في الإنسان (وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ إِذا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤاً مَنْثُوراً).
(٢) وفي الواقعة (يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ. بِأَكْوابٍ وَأَبارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ).