سورة ص
١ ـ (ص :) إن جعل اسما للسورة ، فهو خبر مبتدأ محذوف أي : هذه : (ص) السورة التي أعجزت العرب ، فقوله : (وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ) قسم عجّز العرب ، كقولك : هذا حاتم والله ، أي هذا هو المشهور بالسخاء والله ، وإن جعل قسما فجوابه مع ما عطف عليه محذوف تقديره : إنه كلام معجز ، أو لنهلكنّ أعداءك بقرينة قوله (كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ) أو جوابه" كم" وأصله" لكم" : حذفت اللام لطول الكلام تخفيفا ، كما في قوله تعالى : (وَالشَّمْسِ وَضُحاها) .. (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها) وقيل : غير ذلك.
٢ ـ قوله تعالى : (وَعَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقالَ الْكافِرُونَ هذا ساحِرٌ كَذَّابٌ) [ص : ٤].
قاله هنا بالواو ، وفي" ق" بالفاء ، لأنّ ما هناك أشدّ اتصالا منه هنا ، لأنّ ما هنا متّصل بما قبله اتصالا معنويا فقط ، وهو أنهم عجبوا من مجيء المنذر ، وقالوا هذا ساحر كذّاب ، وما في" ق" متصل بما قبله اتصالا لفظيا ومعنويا وهو أنهم عجبوا عقب الإخبار عنهم بأنهم عجبوا ، فقالوا هذا شيء عجيب ، فناسب فيه ذكر الفاء دون ما هنا.
٣ ـ قوله تعالى : (أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنا ..) [ص : ٨] الآية.
قاله هنا بلفظ (أَأُنْزِلَ) وفي القمر بلفظ (أَأُلْقِيَ) ، لأن ما هنا حكاية عن كفار قريش ، فناسب التعبير به ، لوقوعه إنكارا لمّا قرأه عليهم النبي صلىاللهعليهوسلم ، من قوله تعالى : (وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ) [النحل : ٤٤] وما في القمر حكاية عن قوم صالح ، وكانت الأنبياء تلقى إليهم صحف مكتوبة ، فناسب التعبير ب" ألقي" وقدّم الجار والمجرور على الذكر هنا ، موافقة لما قرأه النبي صلىاللهعليهوسلم على المنكرين ، وعكس في القمر جريا على الأصل ، من تقديم المفعول بلا واسطة على المفعول بواسطة.
٤ ـ قوله تعالى : (كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعادٌ وَفِرْعَوْنُ ذُو الْأَوْتادِ) إلى قوله : (فَحَقَّ عِقابِ) [ص : ١٢ ـ ١٤].
ختم أواخر آياته هنا بما قبل آخره ألف ، وآيات قوله في ق (كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ