سورة الحشر
١ ـ قوله تعالى : (وَما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ ..) [الحشر : ٦] الآية.
قاله هنا بالواو ، عطفا على قوله تعالى : (ما قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ) وقاله بعد بحذفها (١) ، لأنه مستأنف عمّا قبله.
٢ ـ قوله تعالى : (وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ وَالْإِيمانَ مِنْ قَبْلِهِمْ ..) [الحشر : ٩].
(" الدَّارَ") : أي المدينة اتخذوها منزلا ، فقوله بعده : (وَالْإِيمانَ) منصوب ب (تَبَوَّؤُا) بتضمنه لزموا ، أو بتقدير أي واعتقدوا ، أو وأخلصوا ، أو واختاروا الإيمان ، لأن الإيمان لا يتّخذ منزلا ، فهو على الثاني من باب" علفتها تبنا وماء باردا" أو منصوب بتبوءوا بلا تضمين ، على أنه مجاز ، بجعله منزلا لهم ، لتمكنهم فيه كتمكنهم في المدينة ، ففي : (تَبَوَّؤُا) جمع بين الحقيقة والمجاز ، هو جائز عند الشافعي رضي الله عنه.
٣ ـ قوله تعالى : (وَلَئِنْ قُوتِلُوا لا يَنْصُرُونَهُمْ وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبارَ ..) [الحشر : ١٢].
إن قلت : " إنّ" الشرطية إنما تدخل على ما يحتمل وجوده وعدمه ، فكيف قال تعالى ذلك ، مع إخباره بأنهم لا ينصرون؟
قلت : معناه : ولئن نصروهم فرضا وتقديرا ، كقوله تعالى لنبيه صلىاللهعليهوسلم : (لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ) [الزمر : ٦٥].
٤ ـ قوله تعالى : (لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللهِ) [الحشر : ١٣].
أي : أشدّ خوفا في صدور المنافقين أو اليهود ، وظاهره لأنتم أشدّ خوفا من الله تعالى.
فإن قلت : إن علّق قوله (مِنَ اللهِ) لزم ثبوت الخوف لله وهو محال ، أو بالرهبة لزم كون المؤمنين أشدّ خوفا من المذكورين ، وليس مرادا؟
قلت : الرهبة مصدر" رهب" بالبناء للمفعول هنا ، فالمعنى أشدّ موهوبية ، يعنى :
__________________
(١) في قوله تعالى (ما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى) (٧).