سورة التّكوير
١ ـ قوله تعالى : (وَإِذَا الْبِحارُ سُجِّرَتْ.)
أي : أوقدت فصارت نارا.
قال ذلك هنا ، وقال في الانفطار (وَإِذَا الْبِحارُ فُجِّرَتْ) أي سالت مياهها على الأرض ، فصارت بحرا واحدا ، واختلط العذب بالملح ، موافقة في الأول لقوله بعده : (سُعِّرَتْ) ليقع الوعيد بتسجير البحار وتسعير النار ، وفي الثاني لقوله : (إِذَا الْكَواكِبُ انْتَثَرَتْ) أي تساقطت على الأرض ، وصيرورة البحار نارا مسجّرة ، يصير أحدهما في وقت ، والآخر في آخر ، لطول يوم القيامة.
٢ ـ قوله تعالى : (وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ. بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ.)
فإن قلت : كيف قال ذلك ، مع أن سؤال ما ذكر إنما يحسن من القاتل لا من المقتول؟
قلت : إنما سئلت لتبكيت قاتلها وتوبيخه بما يجيب به ، فإنها قتلت بغير ذنب.
ونظيره قوله تعالى لعيسى عليهالسلام : (أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللهِ ..) [المائدة : ١١٦].
٣ ـ قوله تعالى : (عَلِمَتْ نَفْسٌ ما أَحْضَرَتْ.)
أي علمت كلّ نفس ، لقوله تعالى : (يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً) [آل عمران : ٣٠] الآية.
فإن قلت : لم ختم الآية هنا بقوله : (ما أَحْضَرَتْ) أي من خير وشرّ وفي الانفطار بقوله : (ما قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ) أي ما قدّمته من الأعمال ، وما أخرّته منها فلم تعلمه.
قلت : رعاية للمناسبة ، إذ شروط الجواب هنا طالت بكثرتها ، فحسن اختصاره ليوقف عليه ، وشروطه ثمّ قصرت بقلّتها ، فحسن بسطه لتيسّر الوقف عليه حينئذ.
" تمت سورة التكوير"