سورة العنكبوت
١ ـ قوله تعالى : (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حُسْناً ..) [العنكبوت : ٨]. أي برّا ذا حسن.
ذكره هنا ، وفي الأحقاف (إِحْساناً) (١) وحذفه في لقمان (٢) ، مع أنّ الثلاثة نزلت في" سعد بن مالك" وهو" سعد بن أبي وقاص" على خلاف فيه ، لأن الوصية هنا وفي الأحقاف جاءت في سياق الإجمال ، وفي لقمان جاءت مفصّلة لما تقدمها من تفصيل كلام لقمان لابنه ، ولأن قوله بعدها (أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوالِدَيْكَ) قائم مقامه ، فحسن حذفه.
٢ ـ قوله تعالى : (وَإِنْ جاهَداكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما ..) [العنكبوت : ٨].
قال ذلك هنا ، وقال في لقمان (عَلى أَنْ تُشْرِكَ) موافقة هنا لفظا ، للفظ اللام في قوله : (وَمَنْ جاهَدَ فَإِنَّما يُجاهِدُ لِنَفْسِهِ) وحملا للمعنى بطريق التضمين في لقمان ، إذ التقدير : وإن حملاك على أن تشرك بي.
٣ ـ قوله تعالى : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عاماً ..) [العنكبوت : ١٤].
إن قلت : ما فائدة العدول إلى ما قاله ، عن تسعمائة وخمسين ، مع أنه عادة الحساب؟
قلت : فائدته تسلية النبي صلىاللهعليهوسلم ، إذ القصة مسوقة لتسليته بما ابتلي به نوح عليه الصلاة والسلام ، من مكابدة أمته في أطول المدد ، فكان ذلك أقصى العقود ، التي لا عقد أكثر منه في مراتب العدد ، أفخر وأفضى إلى المقصود ، وهو استطالة التّسامح مدة صبره ، وفيه فائدة أخرى ، وهي نفي توهّم إرادة المجاز ، بإطلاق لفظ تسع المائة والخمسين على أكثرها ، فإن هذا التوهم مع ذكر الألف والاستثناء منتف أو أبعد.
وجاء المميز الأول بلفظ" السنة" والثاني بلفظ" العام" لكراهة التكرار.
٤ ـ قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ لا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقاً
__________________
(١) في الأحقاف (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ إِحْساناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً) (١٥).
(٢) في لقمان (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلى وَهْنٍ) (١٤).