سورة فصّلت
١ ـ قوله تعالى : (وَمِنْ بَيْنِنا وَبَيْنِكَ حِجابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنا عامِلُونَ) [فصلت : ٥].
إن قلت : ما فائدة ذكر (وَمِنْ) مع حصول المعنى بحذفها؟
قلت : فائدته الدلالة على أنّ ما بينهم وبينه مستوعب بالحجاب ، لكون الحجاب سدّا بينهم وبينه ، وبتقدير حذفها يصير المعنى : إن الحجاب حاصل في المسافة بيننا وبينه.
٢ ـ قوله تعالى : (قُلْ أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْداداً) إلى (فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ فِي يَوْمَيْنِ ..) [فصلت : ٩ ـ ١٢].
إن قلت : هذا يدلّ على أن السموات والأرض وما بينهما خلقت في ثمانية أيام ، وهو مناف لما ذكره في الفرقان وغيرها أنها خلقت في ستة أيام؟!
قلت : يوما خلق الأرض من جملة الأربعة بعدهما ، والمعنى في تتمة أربعة أيام ، وهي مع يومي خلق السموات ستة أيام .. يوم الأحد والاثنين لخلق الأرض ، ويوم الثلاثاء والأربعاء للجعل المذكور في الآية وما بعده ، ويوم الخميس والجمعة لخلق السّموات.
فإن قلت : السموات وما فيها أعظم من الأرض وما فيها بأضعاف ، فما الحكمة في أنه تعالى خلق الأرض وما فيها في أربعة أيام ، والسموات وما فيها في يومين؟
قلت : لأن السموات وما فيها من عالم الغيب ، والملكوت ، والأمر ، والأرض وما فيها من عالم الشهادة ، والملك ، والخلق ، والأول أسرع من الثاني.
أو أنه تعالى فعل ذلك في الثاني ، مع قدرته على فعله ذلك دفعة واحدة ، ليعرّفنا أن الخلق على سبيل التدريج ، لنتأنّى في أفعالنا ، فخلق ذلك في أربعة أيام لمصالح وحكم اقتضت ذلك ، ولهذه الحكمة خلق العالم الأكبر في ستة أيام ، والعالم الأصغر وهو الإنسان في ستة أشهر.
٣ ـ قوله تعالى : (حَتَّى إِذا ما جاؤُها شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ ..) [فصلت : ٢٠] الآية.
قاله هنا بذكر (" ما") وبحذفها في قوله في النمل : (حَتَّى إِذا جاؤُ) ، وفي الزمر :