سورة الإنسان
١ ـ قوله تعالى : (إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشاجٍ) [الإنسان : ٢].
وصف النطفة مع أنها مفرد ب (أَمْشاجٍ) (١) وهو جمع ، لأنها في معنى الجمع ، كقوله : (مُتَّكِئِينَ عَلى رَفْرَفٍ خُضْرٍ) [الرحمن : ٧٦] أو بجعل أجزائها نطفا ، وقيل : (أَمْشاجٍ) مفرد لا جمع ، كبرمة أعشار ، وثوب أخلاق.
٢ ـ قوله تعالى : (نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْناهُ سَمِيعاً بَصِيراً) [الإنسان : ٢].
إن قلت : كيف عطف على" نبتليه" ما بعده بالفاء ، مع أنّ الابتلاء متأخر عنه؟
قلت : " نبتليه" حال مقدّرة أي مريدين ابتلاءه حين تأهّله ، فجعلناه سميعا بصيرا ، فالمعطوف عليه هو إرادة الابتلاء لا الابتلاء.
٣ ـ قوله تعالى : (وَيُطافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوابٍ ..) [الإنسان : ١٥].
ذكره بالبناء للمفعول ، وقال بعد : (وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ) بالبناء للفاعل ، لأن المقصود في الأول : ما يطاف به لا الطائفون ، بقرينة قوله : (بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ) والمقصود في الثاني : الطائفون ، فذكر في كل منهما ما يناسبه.
٤ ـ قوله تعالى : (وَأَكْوابٍ كانَتْ قَوارِيرَا) [الإنسان : ١٥].
معناه تكوّنت لا أنها كانت قبل قوارير (٢) ، فهو من قوله تعالى : (كُنْ فَيَكُونُ) [آل عمران : ١١٧] وكذا (كانَ مِزاجُها كافُوراً) [الإنسان : ٥].
٥ ـ قوله تعالى : (إِذا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤاً مَنْثُوراً) [الإنسان : ١٩].
إن قلت : ما الحكمة في تشبيههم باللؤلؤ المنثور دون المنظوم؟
قلت : لأنه تعالى أراد تشبيههم ـ لحسنهم وانتشارهم في الخدمة ـ باللؤلؤ الذي لم يثقب ، وهو أشدّ صفاء ، وأحسن منظرا ، مما ثقب ، لأنه إذا ثقب نقص صفاؤه ومائيّته ، وما لم يثقب لا يكون إلا منثورا.
٦ ـ قوله تعالى : (وَسَقاهُمْ رَبُّهُمْ شَراباً طَهُوراً) [الإنسان : ٢٠].
__________________
(١) أمشاج : أخلاط جمع مشج ومشيج ، أي اختلطت نطفة الرجل بنطفة المرأة ، فتكون منه هذا الإنسان السميع البصير ، بقدرة الله العلي القدير ، فهذا معنى الأمشاج.
(٢) القوارير : جمع قارورة وهي الزجاجة الصافية ، وهذه القوارير جمعت بين صفاء الزجاج وحسن الفضة وبياضها ولهذا قال (قَوارِيرَا مِنْ فِضَّةٍ).