سورة يوسف
١ ـ قوله تعالى : (وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ) [يوسف : ٤].
ذكر الرؤية ثانيا ، جوابا لسؤال مقدّر من" يعقوب" عليهالسلام ، كأنه قال ليوسف بعد قوله : (إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ) كيف رأيتها؟ سائلا عن حال رؤيتها ، فقال مجيبا له : رأيتهم لي ساجدين.
وقيل : ذكره توكيدا ، وجمع الكواكب في قوله : (رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ) جمع العقلاء ، لوصفه لها بما هو من صفات العقلاء وهو السجود ، كقوله تعالى : (قالَتْ نَمْلَةٌ يا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمانُ وَجُنُودُهُ) [النمل : ١٨].
٢ ـ قوله تعالى : (اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضاً يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ ..) [يوسف : ٩] الآية. هذا قول إخوة يوسف.
إن قلت : كيف قالوا ذلك وهم أنبياء؟!
قلت : لم يكونوا أنبياء على الصحيح ، وبتقدير أنهم كانوا أنبياء ، إنما قالوا ذلك قبل نبوّتهم.
والجواب ، بأن ذلك من الصغائر ، أو بأنهم قالوه في صغرهم ضعيف.
٣ ـ قوله تعالى : (أَرْسِلْهُ مَعَنا غَداً يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ) [يوسف : ١٢].
إن قلت : كيف قالوا ذلك ، مع أنهم كانوا بالغين عاقلين ، وأنبياء أيضا على قول؟ وكيف رضي يعقوب بذلك منهم على قراءة النون؟!
قلت : كان لعبهم المسايفة والمناضلة (١) ، يؤيده : (إِنَّا ذَهَبْنا نَسْتَبِقُ ،) وسمّوه لعبا لأنه في صورة اللّعب.
قال الفخر الرازي : ويردّ على أصل السؤال أن يقال : كيف يتورعون عن اللّعب ، وهم قد فعلوا ما هو أعظم حرمة من اللّعب وأشدّ ، وهو إلقاء أخيهم في الجبّ على قصد القتل!!
قلت لم يكن وقت إلقاء أخيهم يوسف في الجبّ ، وقت طلب تورّعهم عن اللّعب ولا قتله ، وأصل السؤال إنما وقع على طلب التورّع المتقدّم على الإلقاء ، لكن
__________________
(١) المسايفة : الضرب بالسيف ، والمناضلة : الرماية.