٢٣ ـ قوله تعالى : (وَما كانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرى بِظُلْمٍ وَأَهْلُها مُصْلِحُونَ) [هود : ١١٧]. قاله هنا بصيغة (لِيُهْلِكَ) لأنه لمّا ذكر قوله : (بِظُلْمٍ) نفى الظّلم عن نفسه ، بأبلغ لفظ يستعمل في النفي ، لأنّ اللام فيه لام الجحود ، والمضارع يفيد الاستمرار ، فمعناه : ما فعلت الظّلم فيما مضى ، ولا أفعله في الحال ، ولا في المستقبل ، فكان غاية في النفي.
وقاله في القصص ، بدون ذكر (بِظُلْمٍ) فاكتفى بذكر اسم الفاعل ، المفيد للحال فقط ، وإن كان يستعمل في الماضي ، والمستقبل مجازا.
٢٤ ـ قوله تعالى : (وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْباءِ الرُّسُلِ ما نُثَبِّتُ بِهِ فُؤادَكَ ..) [هود : ١٢٠] الآية.
إن قلت : ما الجمع بينه وبين قوله تعالى : (وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْناهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلاً لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ) [النساء : ١٦٤]؟
قلت : معناه كلّ نبأ نقصّه عليك من أنباء الرسل ، هو ما نثبت به فؤادك ، ف" ما" في موضع رفع خبر مبتدأ محذوف ، فلا يقتضي اللفظ قصّ أنباء جميع الرسل.
٢٥ ـ قوله تعالى : (وَجاءَكَ فِي هذِهِ الْحَقُّ ..) [هود : ١٢٠].
أي : في هذه الأنباء ، أو الآيات ، أو السورة.
خصّها بالذّكر ، تشريفا لها ، وإن كان قد جاءه الحقّ في جميع السّور ، كقوله تعالى : (حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى ..) [البقرة : ٢٣٨].
والتعريف ب (فِي هذِهِ الْحَقُ) إما للجنس ، أو للعهد ، والمراد به : البراهين الدالة على التوحيد ، والعدل ، والنّبوّة.
" تمت سورة هود"