قلت : التبعيض صحيح لأنّ أهل القيامة ثلاثة أقسام :
أ ـ قسم شقيّ ، وهم أهل النّار.
ب ـ وقسم سعيد ، وهم أهل الجنّة.
ج ـ وقسم لا شقيّ ولا سعيد ، وهم أهل الأعراف ، وإن كان مصيرهم إلى الجنة ، كما قاله قتادة وغيره.
٢٢ ـ قوله تعالى : (خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ ..) [هود : ١٠٨] الآية.
إن قلت : كيف قال ذلك ، مع أنّ السموات والأرض يفنيان ، وذلك ينافي الخلود الدائم؟!
قلت : هذا خرج مخرج الألفاظ ، التي يعبّر العرب فيها عن إرادة الدّوام ، دون التأقيت ، كقولهم : لا أفعل هذا ما اختلف الليل ، وما دامت السموات والأرض ، يريد لا يفعله أبدا.
أو أنهم خوطبوا على معتقدهم أنّ السموات والأرض لا يفنيان.
أو أن المراد سماوات الآخرة وأرضها ، قال تعالى : (يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّماواتُ) [إبراهيم : ٤٨] وتلك دائمة لا تفنى.
إن قلت : إذا كان المراد بما ذكر الخلود الدائم ، فما معنى الاستثناء في قوله (إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ؟)
قلت : هو استثناء من الخلود في عذاب أهل النار ، ومن الخلود في نعيم أهل الجنة ، لأن أهل النّار لا يخلّدون في عذابها وحده ، بل يعذّبون بالزمهرير ، وبأنواع أخر من العذاب ، وبما هو أشدّ من ذلك ، وهو سخط الله عليهم.
وأهل الجنة لا يخلّدون في نعيمها وحده ، بل ينعّمون بالرضوان ، والنظر إلى وجهه الكريم ، وغير ذلك ، كما دلّ عليه قوله تعالى : (عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ.)
أو" إلّا" بمعنى غير ، أي خالدين فيها ما دامت السّموات والأرض ، غير ما شاء الله من الزيادة عليهما ، إلى ما لا نهاية له.
أو" إلّا" بمعنى الواو ، كقوله تعالى : (إِنِّي لا يَخافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ إِلَّا مَنْ ظَلَمَ) [النمل : ١٠].