الأنعام
١ ـ قوله تعالى : (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ) [الأنعام : ١].
جمع السّماء دون الأرض ، لما مرّ في البقرة وجمع الظّلمة دون النّور ، لأنها اسم جنس ، والنّور مصدر والمصدر لا يجمع.
وقيل : لكثرة أسبابها ، بخلاف النّور.
و (جَعَلَ) تأتي لخمسة معان :
فتأتي : بمعنى : " خلق" كما هنا ، وكما في قوله تعالى : (وَجَعَلَ فِيها رَواسِيَ مِنْ فَوْقِها) [فصلت : ١٠].
وبمعنى : " بعث" كما في قوله تعالى (وَجَعَلْنا مَعَهُ أَخاهُ هارُونَ وَزِيراً) [الفرقان : ٣٥].
وبمعنى : " قال" كما في قوله تعالى : (وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثاً) [الزخرف : ١٩].
وبمعنى : " بيّن" كما في قوله تعالى : (إِنَّا جَعَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا) [الزخرف : ٣] أي بيّناه بحلاله وحرامه.
وبمعنى" صيّر" كما في قوله تعالى : (وَجَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً) [الأنعام : ٣٥] وقوله تعالى : (وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حاجِزاً) [النمل : ٦١].
٢ ـ قوله تعالى : (وَهُوَ اللهُ فِي السَّماواتِ وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ) [الأنعام : ٣].
فائدة : ذكر الجهر بعد السرّ ، مع أنه مفهوم منه بالأولى ، المقابلة و" التأكيد" كما في قوله تعالى : (فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ) [البقرة : ٢٠٣].
٣ ـ قوله تعالى : (فَقَدْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جاءَهُمْ فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ أَنْباءُ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ) [الأنعام : ٥].
بسط هنا ، واختصر في الشعراء فقال : (فَقَدْ كَذَّبُوا فَسَيَأْتِيهِمْ أَنْبؤُا ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ) لأن ما هنا سابق على ما هنالك ، فناسب البسط هنا ، والاختصار ثم.