سورة النّجم
١ ـ قوله تعالى : (ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَما غَوى) [النجم : ٢].
إن قلت : كيف قال ذلك ، مع أن الضلالة والغواية متّحدتان؟
قلت : لا نسلّم اتحادهما إذ الضلالة ضدّ الهدى ، والغواية ضدّ الرشد.
أو المعنى : ما ضلّ في قوله ، ولا غوى في فعله.
وبتقدير اتّحادهما ، يكون ذلك من باب التأكيد باللفظ المخالف ، مع اتّحاد المعنى.
٢ ـ قوله تعالى : (ثُمَّ دَنا فَتَدَلَّى. فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى) [النجم : ٨ ـ ٩].
إن قلت : كيف أدخل كلمة الشكّ ، وهو محال عليه تعالى؟
قلت : (" أَوْ") للتخيير لا للشكّ ، أي إن شئتم قدّروا ذلك القرب بقاب قوسين ، أو بأدنى منهما ، أو هي بمعنى" بل" أو للتشكيك لهم في قدر القرب.
٣ ـ قوله تعالى : (أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى. وَمَناةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرى) [النجم : ١٩ ـ ٢٠].
إن قلت : " رأى" هنا من رؤية القلب ، فأين مفعولها الثاني؟
قلت : هو محذوف تقديره : أفرأيتموها بنات الله وأنداده؟ والمعنى : أخبروني ألهذه الأصنام قدرة على شيء ما فتعبدونها ، دون القادر على كل شيء؟!
فإن قلت : كيف وصف الثالثة بالأخرى ، مع أنه إنما يوصف بها الثانية ، وظاهر اللفظ أن يكون قد سبق ثالثة ، ثم لحقها أخرى ، ليكون ثالثتين؟
قلت : (الْأُخْرى) صفة للعزّى ، وإنما أخّرها رعاية للفواصل ، أو صفة ذمّ للّات ، والعزّى ، ومناة التي هي ثالثة اللّتين قبلها ، فالأخرى على هذا من التأخر في الرتبة.
٤ ـ قوله تعالى : (إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَما تَهْوَى الْأَنْفُسُ ..) [النجم : ٢٣].
قاله هنا وبعد ، وليس بتكرار؟ لأن الأول متصل بعبادتهم اللّات والعزّى ومناة ، والثاني بعبادتهم الملائكة ، والظنّ فيها مذموم بقوله : (إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً) [يونس : ٣٦] أي لا يقوم مقام العلم.