ذكره ، قصد زيادة المواجهة ، بالعتاب على ترك الوصية مرة ثانية.
١٩ ـ قوله تعالى : (سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ ما لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً) [الكهف : ٧٨].
جاء بالأول بالتاء (تَسْتَطِعْ) على الأصل ، وفي الثاني (تَسْطِعْ) بحذفها تخفيفا لأنه الفرع ، وعكس ذلك في قوله : (فَمَا اسْطاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطاعُوا لَهُ نَقْباً) لأن مفعول الأول اشتمل على حرف ، وفعل ، وفاعل ، ومفعول ، فناسبه الحذف تخفيفا ، بخلاف مفعول الثاني فإنه اسم واحد ، وهو قوله" نقبا" فناسبه البقاء على الأصل.
٢٠ ـ قوله تعالى : (أَمَّا السَّفِينَةُ فَكانَتْ لِمَساكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَها ..) [الكهف : ٧٩].
قاله الخضر في خرق السفينة ، وقال في قتل الغلام : (فَأَرَدْنا أَنْ يُبْدِلَهُما رَبُّهُما خَيْراً مِنْهُ) وفي إقامة جدار اليتيمين : (فَأَرادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغا أَشُدَّهُما وَيَسْتَخْرِجا كَنزَهُما.)
لأن الأول في الظاهر إفساد محض ، فأسنده إلى نفسه.
وفي الثالث إنعام محض ، فأسنده إلى ربه تعالى.
وفي الثاني إفساد من حيث القتل ، وإنعام من حيث التبديل ، فأسنده إلى ربه ونفسه ، كذا قيل في الأخيرة.
والأوجه فيه ما قيل : إنه عبر عن نفسه فيه بلفظ الجمع ، تنبيها على أنه من العظام (١) في علوم الحكمة ، فلم يقدم على القتل إلا لحكمة عالية.
٢١ ـ قوله تعالى : (حَتَّى إِذا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَها تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ ..) [الكهف : ٨٦].
إن قلت : الشمس في السماء الرابعة (٢) ، وهي بقدر كرة الأرض مائة وستين ، أو وخمسين ، أو وعشرين مرّة ، فكيف تسعها عين في الأرض تغرب فيها؟
__________________
(١) أي : العظماء جمع عظيم يقال : عظام وعظماء.
(٢) هذا ما بلغه علم المؤلف في زمانه ، والنصوص تدل على أن جميع الشموس والأقمار والكواكب دون السماء الأولى لقوله تعالى : (وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ) [الملك : ٥] والعلم الحديث يؤيد النص القرآني.