قلت : بل ومن الجن أيضا على قول الضحاك والمقاتل ، أنه أرسل إليهم رسل ، وأمّا على قول غيرهما بمنع ذلك ، فالمراد برسل الجنّ ، الذين سمعوا القرآن من النبي صلىاللهعليهوسلم ثم ولّوا إلى قومهم منذرين ، كما قال تعالى : (وَإِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ) [الأحقاف : ٢٩] الآية.
٤١ ـ قوله تعالى : (قالُوا شَهِدْنا عَلى أَنْفُسِنا وَغَرَّتْهُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا وَشَهِدُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كانُوا كافِرِينَ) [الأنعام : ١٣٠].
كرّر شهادتهم على أنفسهم ، لاختلافها باختلاف المشهود به ، لأن الأولى شهادتهم بتبليغ الرسل إليهم ، والثانية شهادتهم بكفرهم.
فإن قلت : شهادتهم بكفرهم تضمنت إقرارهم به ، وهو مناف لجحدهم في قوله حكاية عنهم (وَاللهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ)
قلت : مواقف القيامة مختلفة ، ففي موقف أقرّوا ، وفي آخر جحدوا.
أو المراد بشهادتهم : شهادة أعضائهم عليهم ، حين يختم على أفواههم ، كما قال تعالى : (الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى أَفْواهِهِمْ وَتُكَلِّمُنا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ) [يس : ٦٥]. وبجحدهم : جحدهم بأفواههم قبل أن يختم عليها.
٤٢ ـ قوله تعالى : (قُلْ يا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ إِنِّي عامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ تَكُونُ لَهُ عاقِبَةُ الدَّارِ) [الأنعام : ١٣٥].
قاله هنا وفي مواضع بالفاء ، لأنه وقع جوابا بالأمر قبله.
وقال في أواخر" هود" بدون فاء ، لأنه لم يتقدّمه أمر ، فصار استئنافا ، أو صفة ل (عامِلٌ) أي إني عامل سوف تعلمون.
٤٣ ـ قوله تعالى : (قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلادَهُمْ سَفَهاً بِغَيْرِ عِلْمٍ) [الأنعام : ١٤٠] الآية.
إن قلت : ما فائدته بعد قوله : (سَفَهاً) مع أن السّفه لا يكون إلا بغير علم؟!
قلت : معنى قوله تعالى : (بِغَيْرِ عِلْمٍ) بغير حجّة.
٤٤ ـ قوله تعالى : (قَدْ ضَلُّوا وَما كانُوا مُهْتَدِينَ.)
فائدته بعد قوله : (قَدْ ضَلُّوا) أنهم بعد ما ضلّوا ، لم يهتدوا مرّة أخرى.
٤٥ ـ قوله تعالى : (كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذا أَثْمَرَ) [الأنعام : ١٤١].