على التأثير دون القدرة الإلهية. فإنّ هذا المستغيث يعدّ مشركاً ويكون موسى ـ كما يقتضي اعتقاده ـ في صف الآلهة.
ولو كانت حياة المستغاث ومماته مؤثّرة في الأمر فانما تكون مؤثّرة في جدوائية الاستغاثة أوّلاً. لا في تحديد التوحيد والشرك. والبحث عن الجدوائية وخلافها خارج عن موضوع بحثنا.
ومن العجب العجاب اعتبار التوسّل والاستغاثة بالحيّ والاستشفاع به عين التوحيد وعدّ هذه الاستغاثة والاستشفاء ـ مع نفس الخصوصيات ـ بميت شركاً وفاعلها واجب الاستتابة وإن لم يتب فيستحق القتل.
إنّ الوهابيين يسلّمون أنّ الله سبحانه أمر العصاة بأن يذهبوا إلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ويطلبوا منه أن يستغفر لهم أخذاً بظاهر الآية (النساء ـ ٦٤) كما يسلّمون أنّ أولاد يعقوب طلبوا من أبيهم أن يستغفر لهم (يوسف : ٩٧ ـ ٩٨) غير أنّهم يقولون إنّ هذين الموردين إنّما ينطبقان مع أُصول التوحيد لأجل حياة المستغاث ، وأمّا إذا سئل ذلك في مماته عدّ شركاً.
غير أنّ القارئ النابه جداً عليم بأنّ حياة الرسول ومماته لا يغيّران ماهية العمل ، إذ لو كان التوسّل شركاً حقيقةً للزم أن يكون كذلك في الحالتين من دون فرق بين حالتي الحياة والممات.
ولو اعترض على الاستغاثة بالميت بأنّه عمل عبثي أوّلاً ، وبدعة لم ترد في الشرع ثانياً ، فيقال : في جوابه :
أوّلاً : أنّ هذا العمل إنّما يصطبغ بلون البدعة إذا أتى به المستغيث بعنوان كونه وارداً في الشرع وأمّا لو أتى به من جانب نفسه من دون أن ينسبه إلى مقام ، فلا يعدّ بدعة وإحداثاً في الدين. لأنّ البدعة هو إدخال ما ليس من الدين في الدين. وهو فرع الإتيان بالعمل بما أنّه أمر ديني.