وإليك فيما يأتي نص عبارة الصنعاني في المقام :
«الاستغاثة بالمخلوقين الأحياء فيما يقدرون عليه ممّا لا ينكرها أحد.
وإنّما الكلام في استغاثة القبوريين وغيرهم بأوليائهم ، وطلبهم منهم أُموراً لا يقدر عليها إلّا الله تعالى من عافية المريض وغيرها ، وقد قالت أُمّ سليم : يا رسول الله خادمك أنس ادع الله له.
وقد كانت الصحابة يطلبون الدعاء منه وهو حي وهذا أمر متفق على جوازه.
والكلام في طلب القبوريين ، من الأموات أو من الأحياء أن يشفوا مرضاهم ويردّوا غائبهم ونحو ذلك من المطالب التي لا يقدر عليها إلّا الله» (١).
وهكذا نعرف أنّ المعيار هنا هو غير ما سبق.
ففي المبحث السابق كان المعيار هو : حياة وموت المستغاث فلم يكن الطلب من الحي موجباً للشرك بينما كان الطلب من الميت موجباً لذلك ، ولكن في هذا المبحث جعلت قدرة المستغاث على تحقيق الحاجة المطلوبة منه ، أو عجزه عنها هي الميزان والمدار للتوحيد والشرك.
فلو سأل أحد شخصاً لقضاء حاجة وكانت تلك الحاجة ممّا لا يقدر عليها غيره سبحانه فانّه يعتبر ـ حسب هذا المعيار الجديد ـ مشركاً دون أن يكون لحياة وموت المستغاث أيّ ربط بذلك.
فإذن لا تفاوت في هذا المعيار بين حياة المستغاث وموته.
مناقشة هذا الرأي :
والحق أنّ هذا الرأي أضعف من أن يحتاج إلى مناقشة ونقد ، وذلك لأن قدرة المستغاث أو عجزه إنّما يكون معياراً لعقلائية مثل هذا الطلب وعدم عقلائيته
__________________
(١). كشف الارتياب : ٢٧٢.